-(@)-أبنائي الأعزاء شكرا-(@)-
بقلمي : د/علوي القاضي.
... حينما يكون الفن هادفا وذو رسالة تنويرية أخلاقية ، فإنه يساهم فى توجيه وتعديل السلوكيات السلبية فى المجتمع لنشر التوعية والاخلاقيات الإيجابية السليمة ، مما يؤدى إلى تطوير وتنمية المجتمع
... فى مسلسل ( أبنائى الأعزاء شكرا 1979) كان هذا الحوار الأعظم في تاريخ الدراما المصرية بقيمه الأخلاقية والسلوكية :
** ماسألتش نفسك مرة واحدة ياعبده ؟! ، ليه ولادك طلعوا وحشين ليه مقصرين في حقك ؟!
""" أنا مش محتاج حاجة من حد يافرج
** ياسيدي ربنا مايحوجك لحد ، ثم أنت زعلان ليه ؟! ، ماهو أنت السبب في كل اللي حصل لهم ، أنت اللي دلعتهم ياعبدالحميد ، أنت اللي خلتهم مايقدروش يتحركوا خطوة إلا برأيك وبمشورتك ، أنت اللي عودتهم يعتمدوا عليك فلما حاولوا يعتمدوا على نفسهم ضاعوا
""" أنا ؟! ، أنا اللي طلعتهم بالأخلاق دي يافرج ؟!
** أيوة أنت ياعبده ، أنت اللي عزلتهم عن الناس عشان يفضوا لمذاكرتهم لحد ماطلعوا مايعرفوش في الواجب ولاالمجاملة ، حشرت نفسك في كل ثانية في حياتهم ، عملت كل حاجة بدالهم ، ماخلتهمش يشيلوا المسؤولية وعايزهم يبقوا رجالة أزاي بس ؟!
""" أنت شمتان فيا يافرج ؟!
** أنت صعبان عليا ياعبده فضلت تديهم وتديهم وتديهم ، وهما ياخدوا لحد ماطلعوا مايعرفوش يدوا ، مايعرفوش إن الدنيا أخد وعطا ، سلف ودين ، ماتزعلش مني ياعبدالحميد النهاردة أنت بتحصد اللي زرعته فيهم
""" كفاية يا فرج
... هذا الحوار أعتبره من أجمل السيناريوهات لأنه يكشف حجم النتائج السلبية لسوء تربية الٱبناء ، ويمثل الهدف من العمل الدرامي
... أحبابي إحذروا من صناعة المعاقين في بيوتكم ، فنحن نجيد صناعتهم نفسياً وسلوكيًا من الأبناء الذين لايشاركون في أبسط الواجبات المنزلية ، ولايجتهدون في واجباتهم الأساسية ولافي غيرها ! ، وينشغلون بأمور سطحية مثل الموضة والألعاب الألكترونية ! ، وللأسف نظن أن سكوتنا عنهم نوع من الحكمة والتعقّل ! ، أبدا ياسادة ، بل إنه سلبية وسوء تربية
... أيها الٱباء ، أيتها الأمهات عليكم بإنشاء برامج لأولادكم لينتظموا فيها بعمل واجبات منزلية يومية وبث قيم ثابتة ومستمرة ! ، وعدم التجاوز في أداءها ، وستجنون أثر ذلك في سلوكهم وانتظام حياتهم في المستقبل
... إنه لمن المؤسف هذا المشهد الذي يتكرر في كل بيت ، شاب أوشابة في مقتبل العمر يستيقظ صباحاً ويترك فراشه دون ترتيب ، ويستبدل ملابسه ويتركها للغسيل متناثرة ، وينتظر إعادتها ، يقدم له الطعام ولايتعب نفسه بغسل كوب أو إناء ، يذهب لمدرسته أو جامعته ويعود لينام أويسهر على مواقع التواصل الإجتماعي أو الألعاب الإلكترونية ، وأحياناً يتكرم بالجلوس مع أفراد أسرته لكنه يظل حريص على التواصل مع أقرانه ، ولايقدم على إعادة ترتيب ماسببه من فوضى ، وذلك لأن أمه عودته أن تقوم بذلك ، وهو كذلك لايشارك في أي مسؤولية في البيت ، ويعترض على مايقدم له من الطعام ، ولايهتم بأى إصلاحات ، وذلك لأنها مسؤولية والده
... بناء على ماسبق ، توصلت إلى أننا بسلبيتنا نجحنا في خلق جيل معوق وبتفوق ، فهذا الجيل معظمه يتصرف كضيف في منزله ، لايساعد ولايساهم ولايتحمل أية مسؤولية حوله من طفولته وصباه وشبابه وحتى بعد حصوله على الوظيفة ، وهم يعيشون في بيتهم كضيوف ، والمسؤولية بالنسبة لهم هي المصروف ، ويبقى الأب والأم تحت وطأة المسؤوليات عن البيت حتى مع تقدم العمر وأمراض الشيخوخة ، فالوالدان للأسف ( لايريدان أن يتعبا الأولاد ) ، ولايعلما أن تربيتهم على تحمل المسؤولية يزرعاها في أولادهما ولاتخلق فجأةً ، ولاحتى بعد الزواج ، لأنهم بعد الزواج سيحملون تلك الثقافة التي اكتسبوها من بيوت أهلهم إلى بيت الزوجية (ثقافة الإعاقة والإتكالية) ، وبالتالي ينشأ جيل لايعتمد عليه أبدا في بناء أسرة أومجتمع ولايتحمل مسؤولية زوجة وأولاد وهنا تنشأ الخلافات وتكثر حالات الطلاق والإنفصال
... أعزائي الٱباء والأمهات : عودوا أبناءكم وبناتكم على تحمل المسؤوليات في الأسرة فهذا يساعد في بناء شخصيتهم وبناء جيل مسؤول ، لأن تحملهم المسؤولية يقويهم ويعينهم على مواجهة الأزمات مستقبلاً ، ويساعدكم أنتم في الإعتماد عليهم ويساعدهم في الإهتمام بالآخرين ، مايجعلهم أقل أنانية وأكثر تقديراً وفاعلية في بيوتهم ومحيطهم ومن ثم وظيفتهم ومجتمعهم مستقبلا ، في حين إتكالهم عليكم أوعلى الخادمة يجعلهم أكسل وأضعف وأكثر سطحية في المستقبل ، فكيف لشخص إتكالي أن ينشىء أسرة مستقلة ومستقرة ؟! ، وبعدها نتساءل عن إرتفاع معدلات الطلاق والإنفصال في أجيال اليوم ! "
... لذلك يجب أن نعلمهم أن الحمل والولادة شيء فطري ، لكن يجب عليهم أن يجتهدوا لأسرتهم وأن يتحملوا مصاعب الحياة فهذه مهارة يجب إكتسابها من الوالدين أولاً ، فإن لم تربوا أبناءكم على تحمل المسؤولية في منزلكم ، ستعلمهم الدنيا ، لكن ! ، دروس الدنيا ستكون صادمة ومتأخرة وأقل حناناً وأكثر قسوة منكم فأعينوهم عليها ولاتكونوا عوناً عليهم فيها
... لاتنشئوا أبناءكم أوبناتكم ليكونوا ضيوفاً في بيوتكم بل ربوهم ليكونوا عوناً لكم ، فاعلين في بيوتكم ، ومستقبلا في بيوتهم
... وللأسف ، من ظواهر سوء التربية وعدم الإعتماد على النفس ، أن الزوجات في الريف تطلبن شغالات لأنهم تعودوا على ذلك ، مما يؤدي لأمراض السمنة ، وكذلك يمثل عبء مادي على الزوج
... أعجبني رد ملكة الأردن عندما سئلت : كيف تربين أطفالك وهم أمراء وعندهم المئات من الخدم والحشم ووفرة أسباب الحياة ؟! ، فكان الرد قالت :
** الخدم ممنوع أن يدخلوا غرف أولادي أو يرتبوها أويغسلوا أطباقهم ، وممنوع أن يطلبوا من الخدم كوب ماء أوعصير ، فيجب أن يجلبوه بأنفسهم ، هم يرتبون غرفهم وألعابهم ويغسلون أطباقهم ويحضرون لأنفسهم الماء والعصائر ، كذلك يمنع الألعاب أوالهدايا إلافي العيدين فقط وأعياد ميلادهم ، حتى نجاحهم في المدرسة غرست فيهم أنه لأنفسهم فقط وأن دراستهم شأن يخصهم ...
... فنصيحتى لكم أيها الٱباء والأمهات لاتعملوا لأطفالكم أشياء هم قادرون على إنجازها بأنفسهم ، لأنكم بذلك تعلموهم الإتكالية بدلاً من الإعتماد على النفس ، وتصنعون بذلك أطفالا معاقين نفسياً وفكرياً
... فالعمل وخدمة الشخص لنفسه ليس عيباً ، لكن العيب هو الإتكالية والإعتماد على الغير ، والمصيبة أن يتربى الولد معتمداً على زوجتة أوأمه أوأخواته أو خادمته !
... كفانا تصدير هؤلاء الأشخاص للمجتمع
... كان عمر بن عبد العزيز مع أصحابه ليلاً فهبت ريح أطفأت المصباح ! ، فقام وَأشعله ، قالوا : لو أمرت أحدنا يا أمير المؤمنين ! ، قال : ماضرّني ؟! قمت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر
... فلنتعاون جميعا لصحة نفسية وبدنية أفضل لأطفالنا
... وأنت أبنى الكريم أحذر أن تكون عالة على أهلك أوأي أحد ، فالإعتماد على نفسك قوة ، فحين تستيقظ لاتترك فراشك دون ترتيب ، وحين تستبدل ملابسك لاتتركها متناثرة بل اجمعها وضعها في الغسالة ، وحين يقدم لك الطعام جاهزاً قم بغسل الأواني ، واحرص أن تساهم وتشارك في أي مسؤولية في البيت ولو بالشيء القليل ، ولاتتصرف وكأنك ضيف في منزلك ، بل ساعد وساهم وتحمل أية مسؤولية فى شبابك وحتى بعد حصولك على الوظيفة ، وحين نريد إحضار احتياجات شارك وساعد وتعود على تحمل المسؤولية في البيت
... أحبابي أولادنا قطعة صغيرة منا تمشي على الأرض ، تهتم بكل فعل منا لتقليده وملازمته ولكن علينا أن نأخذ الحذر أن لانجعلهم معتمدين علينا كل الاعتماد بل يجب أن نعودهم الإعتماد على أنفسهم فى عمل مايخصهم من أعمال تتناسب مع أعمارهم المختلفه ، فاعمال بسيطة كهذة إن إعتادوا عليها فسيكون ذلك بمثابة ثمرة قد زرعت بداخلهم لحب التعاون والإعتماد على النفس ستكبر تلقائيا وتجعلهم أكثر إنتاج وفائدة للمجتمع