سألتها
سألتــــها قائلاً:يا شُعْلَةَ الأدبِ
هل أنت آتية من سالفِ الحــقبِ
أمْ أنتِ زائــــــــرةٌ منْ أرْضِ أندلسٍ
أم تُحفةٌ هجَرتْ موْســـوعةَ العربِ
شمَمْتُ فيك نَسيماً منْ حَضارتنا
فقلتُ:كيفَ أتتْ صنّـــاجةُ الطّـربِ
أتلكَ صانِعَةُ التّاريخِ قدْ قَدِمتْ
تختالُ بـــــــينَ رُوادِ الشّعرِ وَالأدب
قالت:أيا ولدي إنّي مُشــــــــــرَّدةٌ
بعدَ احْتلالِ شُعوبي واعْــــتقالِ أبي
وطأطأتْ رأسَها والحُزنُ يأْسَـــرُها
أنا التي كنتُ شمساً في نُهى الـــكتبِ
أهلي أضاعوا بِفِعْلِ اللّهوِ موْطنَهُمْ
وشَــبْرَقوهُ فَبيعَ المجْدُ بالــــعِنَبِ
أبْكي على وطني في الكوْنِ هائمةً
من بعدما غربتْ شمْسي ولمْ أغبِ
أنا العروبةُ في الــــقرآنِ قدْ حَـمَلتْ
قولاً ثقــــيلاً بذكرِ اللهِ في الـــحِقَبِ
أنا المـــآثرُ في فاسَ وفي عدنٍ
أنا الشّهامةُ في مــصرَ وفـــي حلبِ
أنا الحضارةُ أعطتْ منْ مَــــكارمِها
فـــضلاً كـثيراً من الياقوتِ والذهبِ
رَمَوْا لساني بِعُقْمٍ في مَدارسِهمْ
وليْتـــهُمْ قوّموا التّفــكيرَ عنْ كثبِ
وأبْعَدوني عن الإعْرابِ فانْطــــفأتْ
شمسُ البيانِ بِلــــــــغْوٍ ليْسَ منْ أدبي
أنا المُحيطُ الذي في قَعْـــــــرِهِ دُرَرٌ
وفيه قوتٌ منَ الحـــيثانِ والــــعَجَبِ
تَركْتُ في أثَري الإسلامَ فَلسَفةً
وليسَ مثلَ كــتابِ الله فــــي الكتبِ
وسِعْتُ ديناً بذكرِ اللهِ مُنْـــفَرِداً
يُتْلى مُبينا على الأطفالِ والـنّخبِ
لسانُ حالي يقولُ اليومَ :إنّ فَمي
مُكــمّمٌ بِلــجامِ اللّــغوِ والكُرَبِ
وأمّتي في وُحُولِ الجَهْلِ قدْ غَرقَتْ
فأصْـــبَحَتْ مرْتعاً للنّهبِ والــــشّغبِ
تضَعْضَعَتْ لُغتي في جوْفِ مُجْتمعي
لـمّا تورّطَ في البــــلوى ولمْ يَتُبِ
وجرّهُ الكسلُ المــــعْتوهُ نحْوَ غدٍ
في حُضْنهِ الضّادُ قدْ أضْحى بلا نسَـبِ
وَرقّعــــوني بِلغْوٍ في مدارِسِهم
فَشُلَّ شعْري ونامَ البعثُ في كتبي
فكـــيفَ أسعَدُ واللأيّامُ قدْ نزعتْ
منّي بهاءَ فُـــــنونِ العلمِ والأدبِ
يا سالكاً مَسْلَكَ التّحْريرِ في وطــني
أسْــقِطْ قِـــناعَ هُراءٍ يلْعَبُ بي
وانْزَعْ بِنَظْمِكَ داءَ اللّغوِ مِنْ جَسدي
وابعثْ بيانَ فَصــــيحِ القولِ في نَسبي
فأنتَ ياولدي مُستـقبلي وغَدي
ولا أريــدُكَ في الأبناءِ مُـــغْتَصِبي
بقلم:محمد الدبلي الفاطمي