بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي
يَسِيرُ البَاطِلُ فِي الأَرْضِ مُزْهُوًّا بِنَفْسِهِ، يَتَبَخْتَرُ كَمَنْ يَرَى فِي نَفْسِهِ العَظَمَةَ وَ السِّيَادَةَ. يَتَوَهَّمُ أَنَّهُ قَدْ يَحْجُبُ ضَوْءَ الحَقِّ، وَ يَظُنُّ أَنَّهُ بِحِيلَتِهِ وَ مَكْرِهِ يَقْدِرُ عَلَى تَجَاوُزِهِ وَ إِخْمَادِ نُورِهِ.
يَحْتَالُ البَاطِلُ فِي أَسَالِيبِهِ، يُزَيِّنُ لِلنَّاسِ بَاطِلَهُ بِأَلْفِ لَوْنٍ وَ لَوْنٍ، يُغْوِيهِمْ بِمَا يَشْتَهُونَ وَ يَعْرِضُ لَهُمْ زُخْرُفَ القَوْلِ فَيَظُنُّونَهُ حَقًّا وَ هُوَ السَّرَابُ. وَ لَكِنَّ الحَقَّ وَ إِنْ طَالَ غِيَابُهُ، فَإِنَّهُ لَا يَزُولُ، وَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحِلَّ مَكَانَهُ البَاطِلُ، فَهُوَ أَثْبَتُ وَ أَقْوَى، وَ إِنْ حَاوَلَ البَاطِلُ التَّلَاعُبَ بِالمَعَانِي وَ تَشْوِيهَ الصُّوَرِ.
كَمْ مِنْ مَرَّةٍ حَاوَلَ البَاطِلُ تَجَاوُزَ الحَقِّ، وَ كَمْ مِنْ مَرَّةٍ خُيِّلَ لَهُ أَنَّهُ قَدْ أَطَاحَ بِهِ، وَ لَكِنْ مَا إِنْ يَظْهَرَ الحَقُّ بِبُرْهَانِهِ وَ سَاطِعِ دَلِيلِهِ حَتَّى يَتَبَدَّدَ البَاطِلُ كَالدُّخَانِ فِي السَّمَاءِ.
لَا يَسْتَطِيعُ البَاطِلُ أَنْ يَصْمُدَ طَوِيلًا، فَإِنَّهُ وَ إِنْ بَدَا قَوِيًّا وَ صَامِدًا، فَهُوَ فِي حَقِيقَتِهِ هَشٌّ، تَنْهَارُ أَسَاسَاتُهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ تَهُبَّ رِيَاحُ الحَقِّ. وَ يَبْقَى الحَقُّ رَاسِخًا، كَالنُّورِ الَّذِي لَا يَنْطَفِئُ، وَ كَمَا أَنَّ الشَّمْسَ لَا يَحْجُبُهَا الغَمَامُ طَوِيلًا، فَإِنَّ الحَقَّ أَيْضًا لَا يَغِيبُ مَهْمَا تَكَالَبَتْ عَلَيْهِ غُيُومُ البَاطِلِ.
لِذَلِكَ، لَا تَخَفْ مِنَ البَاطِلِ، وَ لَا تَخْشَ مَكْرَهُ وَ خُدَاعَهُ، فَإِنَّهُ زَائِلٌ لَا مَحَالَةَ. اِصْرُخْ فِي وَجْهِهِ، وَقِفْ صَامِدًا بِجَانِبِ الحَقِّ، فَإِنَّ الحَقَّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ، وَ إِنَّ مَنْ يَسِيرُ فِي رِكَابِهِ فَهُوَ الفَائِزُ وَ إِنْ طَالَ الطَّرِيقُ وَ كَثُرَتِ العِثَارَاتُ.
يَوْمًا مَا، سَيَسْقُطُ البَاطِلُ فِي الحُفْرَةِ الَّتِي حَفَرَهَا لِلحَقِّ، وَ سَيَذْهَبُ جَهْدُهُ هَبَاءً مَنْثُورًا، وَ سَيَبْقَى الحَقُّ مُتَجَلِّيًا، لِأَنَّهُ الحَقُّ وَحْدَهُ هُوَ، الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق