المنزل وقد فَتُرت نفسهُ منها فقد كان يحسبُ ذاتهُ الوحيد الذي تمنحهُ جازية فتنتها . بنيتي لا يغرنكِ الهيكلُ الخارجيُ فالإنسانُ يُقيَّمُ بأعماله وأفعاله . . فتمتمتُ قائلةً :
- أي بإستضاءة جوهره . .
تريثت جدتي لحظةً ثم أردفت :
- لو تدركين ما تجرعتهُ إبان عمري ، الشقاءُ كان دربي . .
- جدتي إني أباريكِ وجعاً . .
- صه أنت لهبٌ في بداية الاشتعال .
- كلا أدرتُ مقلتي راشدةً رغم أني في الخامسة عشرة من عمري ، بيد أني خائبة تساءلتُ في دخيلتي أيمكنُ للإنسان أن يتجرد من احساسه ؟
- فقط لو أسعفتني قواي لخطبتُ لك أروع شاب .
اندفعت ضحكةٌ عاتيةٌ من أعماقي :
- أكنتِ تفعلين ؟
- فأقرت :
- حتماً لن يجد أنبل منكِ . .
الصفحة - 55 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
- لكني لا أقاسي حب أي رجل ، عانيتُ معضلتي التي ترتمي في خندق الشقاء . .
تنهدت جدتي وقد طاف الحزنُ بأعماقها :
- كلُ شيءٍ موزونٌ حسب ترتيب الأقدار
زفرتُ بإعياء :
- كالإسفنج غدوتُ أتشربُ الأحداث . .
استدركتُ كلماتي أمام دمع جدتي وقد تفاقم شعوري بالذنب فبدل إسعادها ركمتها بالأعباء . . استفقتُ في الصباح الباكر مزهرةً بالفرح وقد مارستُ التمارين الرياضية ، رحتُ أشارك جدتي الفطور الحافل بالبيض البلدي والزبدة العربية والزعتر البري . . ينصبُ اعترافُ جدتي أمامي بأني أكسبتُ المنزل دفئاً وأسأل كيف للمرء أن يحيا وحيداً ؟ جدتي شجرةٌ باسقة تظللني بحنانها ، فطوبى لها .
قرع الباب وإذا بأم فضة تدلفُ برفقة امرأةٍ مسنة رحبتُ بهما ، وعدتُ لهما بالشاي وما تزالُ العجوزُ فاغرةً فاها تنظرُ إلى ناحيتي ببلاهة تسألُ جدتي :
- أهي حفيدتك ؟
الصفحة - 56 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق