إلى أين أخذتني؟!..!!
ــــــــــــــــــــــــــــ
-#وإني..
أعلم تمام العلم..
أن عمق الفراغ الذي تركته خلفك لا تكفي جموعهم الغفيرة لسده..
فكيف لتلك الشهب الصغيرة أن تعوض غياب الشمس..
لكنني لم أكن أعرف أنك كبير إلى هذا الحد..
أبقى من الوجوه والذكريات والطرقات والمدى..
أعمق من الساعات، من الفصول..
من الزمن..
أكبر من اتساع هذا العالم..
لم أكن أعلم أن الجميع بعدك، محض ظلال باهتة لاتلبث أن تتلاشى..
فلماذا قسا قلبك فانتهج رحيلا أبديا؟!..
وتركني كمّا مهملا على ذمة اليتم المهذب..
أنا..
ذلك المعجون بالغربة..
الملوث بتراب الحزن..
الهارب من حطام الأشياء إلى تباريح المحن..
لم أكن أعرف لي وطنا سواك..
فأنا مذ جئت من منفى جموعهم إلى يقين دنياك وأنا ابن قيودك، ابن سلاسلك، ابن الجدران والقضبان والسياط..
هويتي إلى التيه فيك أقرب من كل سبل الخروج منك..
فمن علمك أن تودِعَ كل أمنياتي بين حزن وكفن..
لا أعرف كم دهرا يجب علي أن أقبع في أودية الوجع..
وأنا الذي غزلت لك من شعاع عيوني رداء، ومن لهاث دعواتي صلاة..
فكيف طاوعك قلبك على هكذا نسيان؟!..
فمضيت بلاأدنى التفاتة..
كم جحيما زرعت بين ضلوعي، وأنا الذي أوقدت لك في عتم الليالي من عشرين عمره البائس قناديل، وزرع أطرافه شموعا..
فلا هو الذي بقيَ دون انطفاء ولا أنت الذي أزهرت..
حتى شارف العمر على الرحيل آيسا من الأحلام، من اللقاءات، من ضمة تُذهب علقم الصبر دون جدوى..
فإلى أين أخذتني؟!..
إلى حتفي؟!..
كثيييرا فعلتَ..
حينما أشعلت نار الصمت في جوف الحكايا فالتهمت بقايا أحاديثنا الناقصة منذ بدأت..
وتركتني أغسل ملح عيوني برمد تجاهلك..
إلى أين أخذتني؟!..
إلى الحزن؟!..
كثيييرا فعلت..
عندما مددت يدي لأتكئ على كتفك فضننت بها وادخرتها منسأة لغدك الذي رسمت ملامحه بلا وجودي..
إلى أين أخذتني؟!..
إلى الوحدة؟!..
كثيييرا فعلت..
فها أنا مصلوب هنا بين الوجود والعدم منذ وعدتني بلقائك في يوم ما ولم تأت..
وانتظرت ذلك ال(يوما ما)..
وانتظرت..
ومن وقتها وأنا لعبة الانتظار..
لا أعرف شيئا سواه..
يطوف بي مدن الصبر كل ليلة وكل يوم، ولكن قلبك قاطع طريق، ضلل قوافل الوعود وسلبها غنائم الوقت فلم تعد..
وكأنها ماتت ودُفنت معها أحلامي الصغيرة..
إلى أين أخذتني؟!..
إلى الدموع؟!..
كثثثيرا فعلت..
منذ صلبتني بين اليأس والرجاء ورافقت الغياب في رحلة أخيرة..
العابر منها إلى الحياة ميت..
وحيُّها خلف السؤال يرتقب، فلا إجابات ولا تفاصيل..
أيها المؤتمن..
أنا هنا منذ عشرين قهرا أغتسل في أنهار الدموع..
فلا جنابة الشوق فارقتني..
ولا أنا الذي بقيت على طهارة اللا شعور..
بربك قل لي..
أين أخذتني؟!..
إلى العدم؟!..
أين تركتني؟!..
في العدم..
وبين عدم أخذتني إليه، وعدم تركتني فيه ما زلت أؤدي فروض الوجع..
فلا أنا الذي عدت إلى الحياة فارغا كما كنت..
ولا الزحام هنا لملم رفاتي..
لتمر بي السنون خلف السنين وأنا هنا أنتظر..
تمر بي مواسم الاغتراب وأنا أنتظر..
يمر بي العمر وأنا أنتظر..
صرت أنا الانتظار، ولآاااخر الزمن..
أف لك..
انتهى..
(نص موثق)..
النص تحت مقصلة النقد..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلمي العابث..