بظل الموت
قل
للحنين كفى تشدني
للفراغ
فمازلنا محبطين من ولادة
الشيطان بهلاكنا
فمازلنا نشحد من السماء
أضرحة موتانا
فقد تباعد الزمان عن
أُلوهتنا و عنا
و الآلهة مازالت تتبادل
الشتائم مع الأموات النائمين
في الحجر
فلم يعد لنا من المكان
غير ذكرى الموت
نحن و الآلهة نتبادل خيبة
العتب الأخير
نريد أن نكون مثل الريح
طلقين في المدى
لا شيء يستبيح ذاكرتنا
نريد مساحةً من الحياة خالية
من الأوجاع
فلا يحق للموت أن يحاصرنا
لوحدنا
فلنا ما يكفي من الغياب
لكي نتوجع
و الذكريات أصبحت تهدنا
بصور الأمس بالحنين
القاتل
هل الموت هو حصتنا الوحيدة
من هذه الحياة
تهنا غرباء عن أنفسنا بين
جدران الكآبة
و لم يعد يتسع بحكايتنا
ما يكسرنا بعد
يا الله أيوبُ مات و دفن
صبره
يا الله كم مرةً سنموت من يد
الغدر بقهرنا
و نسقط بأحضان الموت من
السماء قطرة بقطرة
لما لا تأخذ السماء من موتنا
العبرة
فماذا فعلنا للحياة البعيدة
حتى تحرقنا برجسها
و تستبيح الكلاب بجسدنا
بظلم الفكرة
يا أيها الموت خذني معك
بثوب الشهيدِ ليوم عيدي
خذني معك كي لا أذبحُ كشاة
من الوريدِ إلى الوريدِ
إحمل ضحاياك من الطعن
من الرصاص و الحديدِ
كجماعاتٍ أو فُرادا لنقول
لك شكراً سلمت
يداك
فلا تظلمنا مثلهم كافراً
حاقداً
كي نحمل لك ورداً و نقول
شكراً
فالشبحُ مازال يجولُ طليقاً
بسكينه في جسدي
إحملني لسماءٍ تحملني كقربانٍ
للوجع البعيدِ
و لا تنتظر عودتي من المنفى
كي أدلك على الطريق
فالغريب ليس بوسعه أن يعود
من الأسر
من أرض العبيدِ
الرقيبِ
من أرض السفهاء الباردِ
الجليدِ
من شغب العسكر و الجنود
للعقيدِ
لن يعود من مات غريباً
على الحجر و القرميدِ
فلم يبقَ عندي ما يؤجل
سفري
فخذني بدمعة الأم من زمني
الشريدِ
كي أعتذر و أخجل من أم
الشهيدِ
و أمشي بموكب الشهيدِ إلى
الشهيدِ
يا الله كم ناديناك لتحمينا
بقلب الفراشة من الطغاة
كم رجوناك لينامَ الحمامُ بديارنا
بسلام
كي لا يقتل حمامنا كفرةٍ
عابرين بشوارعنا
يا سلام لو عدنا من الأوجاع
للوراء إلى قبل الهزيمة
ل سيجنا حدود موتانا
حتى
لا يتوسع مساحة الموت فينا
و يكبر الوجع
ماذا فعلنا يا الله كي نموت
هكذا خاسرين
بيد الجهالة من البيعة ليعقوبٍ
أذل بخاصرتنا
للروم الثكلى بذاكرتنا
لقريش الحائرين بصلاتهم بعبادة
التماثيلِ
لهارون الرشيدِ
ماذا فعلنا كي نخسر حياتنا
منذ البداية
فأين زمن المعجزات و نصرة
الفقراء
أين معركة المسلمين بالعدل
و الحق
و تاريخ الطيبين بسيف
الوليدِ
ماذا سنفعل بدموع ابنةُ
الشهيدِ
و هي تبكي وحيدةً على
دم الفقيدِ
قل لي يا الموتُ
كيف سأنظر إلى وجه أمي
و هي تبكي بموتي
هل نخبرها كم مقبرةً أصبحت
لنا
هل نخبرها كم سقوطٍ دامت
لنا
كي ترش بالأرز على جنازتي
بالبكاء و الزغاريد
لا لا أستطيع احتكار كل هذا
الحزن بدمعها
فلا أقوى على مواجهة العيون
التي تبكي لإنكساري
كنا نريد من الحياة فقط
قليلٌ من الهواء
كي نحيا قبل موتنا مثل
الأخرين
كنا نريد أن نسرق من الوقت
ما يكفي لنا
لكي نقبل حذاء إمهاتنا
و نعتذر
من دموعها قبل الرحيل
قد تقاسمنا مع الملائكة كل
الوجع
و أشبعتنا الرطوبة النسبية في
وطن الضياع
كن يا أيها الموت عادلاً مثل
الليل بنجومه كقافلة
واحدة
بعثر بموتاك على كلا الجانبين
واحدٌ من هنا
و أخرٌ من هناك كي تعدل
بكفة الميزان
فالكفن لا يجب أن يكون
لوحدنا
لقد ذقنا من كأسك كل المر
و شربناه ألماً
و صبرنا على البلوة ألف
عام
و لم يبقَ عندنا شيئاً من الحياة
كي ننجو منك
فحطم جدار الخجل الشديد
و كل مرياك
و إقرأ لمن عبثوا بجنازتنا من
أناشيدك
و قل لمن سكنوا بديارنا بأننا
من القيامة عائدون
قل لهم و إن قتلونا حجراً
حجراً
و سرقوا لحمنا ليأكلوه مع
قطيع الكلاب
فنحن سننجو من حساب
القيامة
و هم سيسقطون واحدٍ
وراء واحد
ككتل الشهب و اللهب في جحيم
العقاب
فالله هكذا قد وعدنا
بأن المظلوم له يومٌ للنجاة
فوق العرش العظيم
فقل يا أيها الموت للذين أجرو
قرآنهم ليهود الخيبر
بأنهم كانوا يصنعون تاريخهم
الأسود فوق أسوار
قبورنا
فماذا سنفعل إن واجهنا
الشيطان الأكبر
عندما نعبر سياج الحقيقة
للحقيقة
هل نخبره عن وجعنا بيوم
الولادة
و أن الزمان قد تغير مكانه و
زمانه و تبدلت الصورة
فينا
أم نقرأ و نتلو عليه تلاوةٍ
من قرآننا الكريم
ليدركوا بأننا مسلمون شرفاء
و نتبع محمد الرسول
لكي يبكي الشيطان ندماً
مع القاتل المأجور
ماذا جرى لهؤلاء العابثين
بخلق الله
قد كان ما كان فالصعاليك
لن يتوبوا
و الكلاب لن تعدل بمسارها
النازف بدمنا
فماذا كنا سنفعل لو كان
لنا
ماضٍ صغير بالمكان يشرقُ
بنا قبل الموت
نكون فلا نكون
نحيا فلا نحيا
فمازال ينقصنا الكثير الكثير
كي نقول أننا من الأحياء
فما أوجع القبلة
و ما أشد بموتها العزلة
و ما أصعب فراق الأحبة
بأخر الرحلة
قد سقط الزمان مضجراً
بخيبتنا
و نحن سقطنا منكسرين بخيبة
الزمان
يا عمرْ إلى أين تأخذنا بهذا
الهلاك
بهذا الحزنْ و التعب الكبير
و ألف طعنٍ يقتلكْ
إلى تأخذنا و هذا العالم المريض
قد خذلكْ
فماذا ستقولُ بهذه القصيدة
لمن طعنك و قتلك
إكتبْ يا أيها العمر وصيتك
الأخيرة للراحلين
لتلك الأم التي ماتت من الحسرة
عليك و لم تودعك
قل لها بأنك ولدتَ من بطنها
ولداً سعيداً
لكن الزمان قد جار عليك
قل للوجعِ ما أوجعكْ
قل لهذا الجرح
من أحضركْ
ما أحقرك
ما أرزلك
ما أسهلك
ما أسفهك
ما أوسخك
و ما أشبعك و أثقلك من ألمٍ
و مر
و ما أوسعك في هذا القلب
المسكين المكسور
قل للموت القريب من الخذلان
و من الطعنِ
من بعد كل هذا الكفر
ما أجملك
و قل للقاتل السفاح بكلام
الله ما أجهلك
و إركب جناح القصيدة التي
تأخذك للبعيد
و نام في الوجع القديم
كاليتيم بلا مأوى
و إبكِ وحدك ما استطعت
و إجهش بألف بكاء
و رتب طقوس العبادة برحيلك
و قل لربك
يا الله ....... أنا عبدك المظلوم
ما أرحمك
فإرحمني يا الله من ظلم
الكافرين
فما أعظمك يا الله
و ما .... أعدلك
نريد يا الله أن نحلم و نحلم
و نحلم
كما الأخرين بالحياة
و لو كانت كل أحلامنا هي
كاذبتنا الكبرى
مع الولادة المبتكرة من رحم
الريح
فلا نريد أن ننكسر بكل
شيء
نريد أن نحيا قليلاً قبل الموت
لا لشيء
بل لأننا نملكُ طيب المسيح
عند جدار الكعبة
فنحن أبناء الشمس و أبناء
الزيتون الخضراء
و كل أيدينا ممدودة للآخرين
بيضاء
قل يا أيها الرب للغربان السوداء
الخاسرة
بأننا أبنائك الأنقياء الأوفياء
بطاعتك ساجدين
لذا
نحن نستحق الحياة كما
كل شيء ينضج فرحاً
يا الله كم كبرنا فيك أملاً
يا الله كم رتبنا العمر بين يديك
خجلاً
فيا أيها العمر الحزين
قل للغياب ما أحوجك لجسدي
الثقيل
و قل للحياة ما أصعب الوصول
إليكِ
و للموت قل ما أقربكَ
و ما ..... أسهلك
مصطفى محمد كبار
أبن عفرين الجريحة