عش مائة عام 1
بحث وتحقيق : د/ علوي القاضي
... العاقل منا يوقن أننا مخلوقون من الفناء ، ولا ندرك مانملكه إلا في لحظة فقدانه ، نشعر بثروتنا حين نفقدها ، ونشعر بصحتنا حين نمرض ، ونشعر بحبنا حينما يغادر ، فإذا دام شئ في يدنا فإننا نفقد الإحساس به ، فأنت لاتشعر بملابسك الداخلية إلا عند تغييرها
... ولأن الكون بمخلوقاته له نهاية ، فقد خلقه الله وجعل لكل مخلوق آفة من (جنسه) ، سواء جماد أو نبات أو حيوان أو إنسان فـ (الحديد) يتٱكل بالمبرد وهو من نفس الحديد ، فالله سبحانه خلق لكل شيء آفته التي تنهي عليه ، خلق القطن وخلق الدودة ، خلق النبات والجراد ، خلق الأسنان والتسوس ، خلق العين والرمد ، خلق الأنف والزكام ، خلق الثمرة والعفن ، خلق الإنسان ومعه جيشا من الأعداء للتأثير عليه من حشرات وطفيليات (قمل وبق وبراغيث وبعوض وديدان وبلهارسيا وميكروبات ودرن وجذام وتيفود وتيفوس وكوليرا وقراع وصديد) ، وخلق الحياة وخلق معها الحر والبرد والصقيع والرياح ، ولأن الدنيا دار ممر وليست مستقر ، لم يرد الله لها أن تكون دار سلام ، وإنما دار كبد وحرب وصراع وبلاء وشد وجذب وكر وفر ، لأن الله سبحانه يعلم أن حياتنا الدنيوية إذا أخلدت إلى الراحة والأمن والدعة والسلام ترهلت وضعفت وانقرضت
... وكما خلق الله الداء ، خلق الدواء سواء في نبات ، أو شراب ، أو عناصر مختلفة ، ووهبنا العقل ليبحث وينقب عنها
... العبرة أن (مصير الحياة) ، سيكون إلى ضمور وتخاذل وتكاسل ثم إنقراض تدريجي ، إذا لم تتسم بهذا التناقض والصراع والكفاح ، وكذا الأمر بالنسبة للأفراد والأمم حينما تخلد إلى الراحة والترف فهي إلى الإندثار
... قد يعترض أحدنا ويقول ، إذا لماذا خلق الله الإنسان ؟! ، هل ليعيش في كبَد ويسلّط عليه الأمراض والميكروبات والحشرات ويسلط بعضه على بعض ؟!
... وللإجابة ، أن الله خلق الداء وخلق الدواء ، ووهبنا العقل ، لنستدل عليه ونستكشفه ، ونعرف كيف نتداوى ونعالج أمراضنا ، فالله خلق (السم والمصل) ، ثم أنه سبحانه جعل في هذا التحدي العدواني المستمر مصلحة ومنفعة ، إذ أن سم الميكروب يحفز الجهاز المناعي إلى إنتاج الأجسام المضادة ، وبذلك جعل الله من عدوان الطبيعة حافزاً مستمراً لمخلوقاته لتحتشد ولتبتكر ولتبدع أحسن ما تختزن من طاقات ، فتكون بذلك دائماً على أكمل صورة ، ومن الصراع بين الجسم والميكروب تنشأ الحصانة والمقاومة
... ولو أنّ الحياة الدنيوية سلمت من الأعداء وأخلدت إلى الراحة والأمن والدعة لترهلت وضعفت وانقرضت ، وهو المصير المألوف الذي نشاهده في الأفراد ، كما نشاهده في الأمم ، حينما تخلد إلى الترف والملذات ، ولهذا يغرس الله الأشواك في الأمم لتخرج منها الورود !
... ولأن الإنسان يمر بمراحل وسنن كونية ، من ضعف ثم قوة ، ثم ضعف وشيبة ، ثم موت وفناء ، فإنه سيظل يقاوم عوامل فناءه بشتى الطرق والأساليب ليضمن لنفسه البقاء لفترة أطول وبصحة جيدة ، واستمرت الأبحاث والدراسات والتوصيات في هذا الشأن ، وستستمر وستزيد يوما بعد يوم حتى قيام الساعة ، وهناك العديد من الكتب التي تكلمت في هذه الأفكار والدراسات
... كتاب (عش مائة عام) لـ (جايلورد هاوزر) ، ينصحنا فيه بالعمل على إطالة العمر حتى مائة عام ، (كما يظهر في عنوان الكتاب) ، فهو يحتوي على معلومات قيمة تزيد من حزمكم وعزمكم نحو الأمل في إطالة العمر والسعي إلى الحياة السعيدة
... ويحتوى الكتاب على نصائح لأهم ما يصبو اليه الانسان فى الحياة ، وهو طول العمر والصحة الجيدة والحيوية الكاملة ، والنشاط والنضارة ، فليس طول العمر وحده هو الأمنية الكبرى ، إذا فقد الإنسان صحته ونضارته وحيويته ، بل قد يكون طول العمر مع المرض والشيخوخة المهدمة أشقى ما يعانيه الإنسان ، ولكن مؤلف هذا الكتاب ، قد جمع فيه كل الوسائل التى توفر لتلاميذه البدن الصحيح والروح الشابة والنشاط القوى
... ويؤكد المؤلف أن الناس جائعون إلى (الصحة والنشاط) ، وأن هذا هو السبب فى الشيخوخة ، ولهذا عنى بدراسة الوسائل التى تطيل العمر دراسة وافية ، وأهم درس فيه هو كيف نختار غذائنا لنعيش أصحاء 100 عام
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق