مع الضوضاء التي اكتسحت الكون و كأنه استلقي في تابوتٍ من الاختفاء ، فأحث الخطا لإفراغ صناديق روحي ليشبع الأطفال من حليب الحب و الحنان الذي حرموا منه في ظل هذا العصر المريع . . شموعٌ خضراء تنير أعماقي بين همسات الحب للإنسان وسط دوائرٍ تزداد رقعتها كلما اشتدت جرعات الحماس ، تتسع الدوائر شيئاً فشيئاً لتغطي بحيرة الإحساس ، صحيحٌ أنا التي أحتاج إلى جرعاتٍ أقوى إلى أنفاسٍ أطول إلى حياةٍ أبهى ، وسط أشواقٍ كرتونية و عواطف خفيفةٍ تعلو الماء ، تنهار عند أي اهتزاز يصادفها ، لكن رغم أن الموت يبغي إراحة لعبة الحياة فإني أسطع و سط الخراب متلألئة الأعماق غامرةً دفاتري بالتسامح و الرحمة ، يبدو أنَّ منعكساتي تلك تسطع على الكون لتعيده و لو قليلاً إلى اتزانه . . أما خلاصة العناء الذي أنفقته في الدراسة فقد تمخض عن النجاح ، وقد حزمتُ أمري على كسح كافة العقبات ، لذا انتسبت لدورة مادة اللغة الإنكليزية كي أحوز الشهادة الثانوية معتمدةً على قوتي الباطنية ، استنفذتُ الوقت بأنانيةٍ واعية و مطامح عالية و لم أدع
الصفحة - 133 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
للكلل حيزاً لعرقلتي فضلاُ عن اتباع الحكمة مع زوجة أبي كي لا يتأزم الوضع في البيت . .
وسط ضجيج الحياة و حركة الورى كنا نسير و نتحدث بشهيةٍ أنا و زميلتاي اللتان التقيت بهما في دورة اللغة الإنكليزية ، إذ بي ألمحُ أحمد مرتدياً بنطالاً بنياً و قميصاً ليمونياً . . آه لِمَ يخفق فؤادي بهذا العنف و كأنَّ ألف سرب حمام قد طار من صدري إليه مجرد لمحي لهُ من بعيد و هو بين السابلة يسير وقد ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتي . . صديقتايَ الآن تثرثران انقطعتُ عن الكون ( إلا عنهُ ) ، أنا لستُ هنا و لا هناك إني في لحظة خارقة الجنون أتابعُ حسن حبيبي كيف يخطر بين الزحام على الطرف الآخر للجسر ، تشبثت مقلتاي بخياله و كأنهما صامتا عن رؤية أيِّ شيءٍ إلاهُ . . . لم أعد أركز ، الحركة من حولي ما تزال تدب بعزمٍ و لا أحد يلحظ هذا المشهد الرومانسي البديع الذي ترعد له المشاعر و تصفق لهُ الروح ، اعتراني شعورٌ بأن الحياة ربما تجود و تربطني بحبي ، هو الذي سيبرئني من كل الجور ، و سرعان ما رجعت الذاكرة إلى تلك اللحظات الرهيفة
الصفحة - 134 -
رواية ابنة الشمس*
الروائية أمل شيخموس
✨🌼
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق