السبت، 6 ديسمبر 2025

حوارٌ بين الريح والسماء بقلم حنان الجوهري

حوارٌ بين الريح والسماء
قيل أنّ الريح في احد الليالي
 شعرت بثقل لم تشعره من قبل
رفعت رأسها الي السماء
وقفت بين النسيم والهدير..
كأنها روح تختار بين قوتها وضعفها..
وبدأت المناجاه..
قالت الريح وهي تتهادي.. تفرش طريقها للسماء
سيدتي.. لماذا كلما مررت على شيئ تركت فيه أثراً
أخاف أن يظن الناس أني لا أسكن مكاناً
وأنني محض عبورٍ بلا ذاكرة
إبتسمت السماء وقالت برفق
يا صغيرتي.. من قال أنكِ بلا جذور..
من قال أنّ الذاكرة هي ما نمكث فيه؟
إنّ الذاكرة يا عزيزتي هي ما نحمله
وأنتِ تحملين أسرار الأرض فوق كتفيكِ
تجمعين حكايات الشجر و أنين البحر
وراحة المستوحشين
سكنت الريح قليلاً ثمّ قالت..
ولكني متقلبة
أكون نسمة تسكن قلباً
ثمّ أعصف بآخر
كيف أفهم هذا التناقض الذي يسكنني؟
أجابتها السماء بحكمة الصالحين
صغيرتي.. ما من روح بلا تناقض
اللين لا يُعرف إلّا بالشدة
والطمأنينة تولد من رجفة سبقتها
أنتِ رسالة تقال بصوتين
إقتربت الريح من السماء أكثر
رأت فيها رحمة كانت تفتش عنها منذ زمن
قالت الريح بصوتٍ مُتَكسّر..
لكنني مُتعبة..
أركض من أطراف الدنيا إلى أطرافها..
لا أجد حضناً آوي إليه..
قالت السماء بحنو الأمهات
تعالي إليّ صغيرتي فأنا أول وطن عرفك منذ خُلِقتِ..
أنتِ تركضين بي ولا تعلمين أنك بحضني
كمن يبحث عن الماء وهو غارقٌ فيه
ارتجفت الريح برهافة شديدة وقالت..
سيدتي.. لماذا لا يراني الناس الا قوة
لماذا لا يسمعون يكائي حين أمر فوق الجبال
أجابتها السماء بصوت رقيق
لأنْ القوّة يا ابنتي ليست كما تظنين.. عكس الضعف
القوة هي القدرة على مواصلة الطريق رغم الدموع
وأنتِ يا ريح اقوي مما تظنين
ليس في الكون ما يعانق دون يدين سواكِ
ثمّ ساد صمت سماوي بينهما
صمتٌ لو لامس وجه إنسان تائه لأعاده لنفسه
ولو مر علي قلب خائف لملأه طمأنينة
قالت السماء أخيراً
امضِ يا ريح.. لكن تذكري.. أنكِ لستِ ضائعة
تذكري يا ريح..
أنكِ مُرسلة
أنتِ حرّة.. لستِ هائمة
كل خطوة لكِ مهما بدت مشتتة..
هي جزء من حكمة..
يفهمها من أصغي..
كما أصغيت أنا.
                        حنان الجوهري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

صَمتٌ فيه الجوابُ بقلم الخضر مدبولي

( صَمتٌ فيه الجوابُ) من اشعار /الخضر مدبولي  ********************** أسودٌ وقد صاحت عليها كلابٌ                ويَنْعِقُ من خلفِ الصقورِ غُرا...