يا روضةَ البوحِ…
قد جئتُ من منحدرٍ
تتكسرُ فيه الرؤى
ويمشي الكلامُ
لا يكتملُ...
على قدمٍ من وجعٍ
يا صاحبةَ الليلِ…
أنا مثلكِ
أهدمُ في داخلي قلاعًا
لم أعد قادرا على ترميمها
وأجمعُ فتاتَ أيامي
كمن يجمعُ ظلَّهُ
من بين أنقاض الحنين...
سألتِ كيف نواري عرينا؟
وأنا أقول
إن العُريَّ قدرُ القلوب العاقلة
لا يسترهُ سترٌ
ولا تحجبهُ إلا دمعةٌ
تسقطُ في الوقتِ المناسب
فتنبتُ حولها أبجديّةٌ جديدة...
يا ابنةَ الماءِ السرابيّ…
أنا أيضًا عطشان
أشربُ من نبعٍ
لا أعرفُ أهو نبعُ ضياعٍ
أم نبعُ نجاة
وأتبعُ ظلَّ نجمةٍ
لم تعلّمْني إلى الآن
هل تهديني
أم تُضلُّ طرقاتي...
لستُ ألعنُ الضوءَ
كما تفعلين
لكني أُطفئه
حين يفضحُ هشاشتي
وأقدّسُ الليلَ
لأنّ الليلَ
يعرفُ كيف يأخذ بيدي
إلى نفسٍ لا أراها...
يا روضة…
ما بقي لكِ من نفسكِ
هو ما بقي لي من نفسي
نصفُ نبضٍ
ونصفُ قناعٍ
وشهوةُ بوحٍ
أكبرُ من أن تُحجَب...
فلنكتبْ إذن
حتى يسكنَ التعبُ فينا
وحتى ينبلجَ الصبحُ
من حناجر
أرهقتها الأسئلة...
ولنتركْ للقصائدِ مهمّةَ
سترِ ما لا يُستر
وحملِ ما لا يُحمل
والقيامِ بما
عجزت عنه الرُّوح...
يا روضةَ الوجع…
لا رحيلَ يُظلّلني
ولا حزن
سيقنعني أنّه علامةُ رضا
لكنّي أؤمنُ
أن وراء كلّ انكسارٍ
وجهًا جديدًا
يُبعَثُ لنا
وأن عُرينا ليس فضيحةً
بل ولادة...
فإن كان وحيًا يُوحى إليكِ
فهو عندي صدى
من زمنٍ بعيد…
وإن كان صوتَ القرين
فإنه عندي
صوتُ شاعرٍ قديم
يسكنُ في أعماقي
منذ آلافِ السنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق