الثلاثاء، 29 مارس 2022

لماذا الجفاء بقلم محمد الصغير القاسمي

لماذا الجفاء
رسمت الحنينَ بنار وماء
حشدت الآهاتِ وجمّعتها
وأبردتها ذات صبحْ على جناح فراش
وقد تلحّفن بألف زهر وزهر
وقد تضوّعن بألف عطر وعطر
فجئن كأدعية ذات فجر
وتسبيحه كروان
بك تغنّى ولوعا مساء
استنفرت الجوى
جيّشت الشّجون
وأرسلتها إلى مربعِ حسنك الآسر
وأسألك اليوم ألم يصلك خطاب
يشقّ صدر المدى والضباب
على خصره سحرُ آسْ
به رقص الحامل في الربّى طربا وانتشى؟
ألم يثرْكِ النّسيم
وفوحٌ شميم
و شدوُ الطّيور عند الشّروق
ورقصُ الفراش وضوءُ النّجوم
وهدأةُ الكون عند المقيل
وسحرُ الأصيل
وخفقُ انزياح الدّجى والكرى؟
لماذا الجفاء
وأنت تدرين كم من ليال سهرت
وكم من آهة قد نفثت
وكم ضاع من عمري في الشّقاء؟
وأسألك
أيرضيك أن أموت كئيبا
كمجنون ليلى شريدا
كسيرا على قلعة الهجر أبكي
ولا يستجيب لحزني
سوى حرّ ُحريقِ بنت جفون
وشهقةُ بؤس
تثير أنين وغبن من تاه مثلي شريدا
وحيدا في عميق الخلاء
لمَ؟
لمْ تحفلي ولو لقليلْ
بقلب يذوب بقيظ الجفاء
ووجهٍ يشيخ بعبء الشّقاء
ورأس يشيب أسى وشجا
وعين تفيض دماءً وماء
وفقدِ سقيم لأدنى دواء؟
لماذا تحبّين صَلْب الحكاية
وطمسَ الآثار
وقطعَ الخيوط وبؤسَ النهاية؟
لماذا اتخذت النّفور سبيلا لقطع السّبيل
وهدم الجسور
ووأد الشّعور
وتركي سقيما حسيرا كليل؟
أيحلو لك رؤية الطّلل وقد بات مربعا للرّدى
خرابا كئيبا ككدسَ رماد
فيه تموت القلوب كمدا استياء؟
لماذا اتّشحت ِبهذا النّفور
ومات الشعور
ومات الحُنوّ وحلّ الغرور
لماذا تريدين محقي
وسَحقي
بهذا العناد وهذا الجفاء
لأبقى وحيدا غريبا
كأعجاز نخل بلا أيّ جذر
كتوه غريب بغير انتماء؟

محمد الصغير القاسمي.. سوسة -تونس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

كل هذا عاشه محفوظ في رحلة بقلم رضا الحسيني

. محفوظ بهلول البربري .. .. { ابن عزيزة وعزُّوز } رواية / رضا الحسيني ( 33 )                     كل هذا عاشه محفوظ في...