أأبكيكِ أمْ أبكي بِكِ الطهْرَ والندى
وأبكي على ما آلَ بي الحالُ مُفرَدا؟
وأبكيكِ أغلى الأمَّهاتِ وحَسرتي
تجدِّدُ دمعاً كانَ أمسِ مُجَمَّدا
رحَلْتِ ,وما ودّعتِ, شمْساً وقد بدَتْ
أصيلاً ووهجُ النور فيها تبَدّدا
فعَلَّلْتِ قلبي في الرحيلِ ومُهجَتي
فَباتا لحزْنِ الفَقْدِ والظعْنِ مَعبدا
فقمتُ أضمُّ الصدرَ كالطفل باكياً
أقبّلُ خدّيكِ الجميلينِ واليَدا
فلا بحرُ دمْعي يُطْفئُ النارَ في الجوى
ولا اليومَ يحْلو في العيونِ ولا الغدا
تفَقَّدْتُ بينَ الأمسِ واليومِ مَرْبَعاً
فأجهَشَ حُزْناً يومُنا وتنهَّدا
وفاضَتْ بهِ الذكرى تفوحُ موَدَّةً
فأصحُو على وقعِ التذَكِّرِ مُسهَدا
فذكراكِ آياتٌ من الحسْنِ أبحَرتُ
بأعماقِ وجداني فيصدى بيَ الصدَى
تناوَبَ قلبي الوجْدُ والشوقُ مثلما
تلوبُ بيَ الذكرى كجمْرٍ توَقَّدا
فأهرُبُ من يومي وأستََلُّ مُهْجَتي
إلى الأمسِ إذْ كنَّا وكنتِ لنا الندى
فقد كنتِ لي نوراً وحُلماً وموْئلاً
وظِلاًّ يَقيني عُسْرَةَ الدهرِ والردى
وكنتِ ليَ الآسي الذي لا يَمَلُّني
وإنْ لجَّ في العِصْيانِ طبْعي تَمَرُّدا
فكمْ سَهِرَتْ عيناكِ في ظُلْمَةِ الدجى
عليَّ وليداً تنظرينَ بيَ الغدا
وكمْ كنتِ للأدواءِ في الروحِ بلسماً
فتُشْفينَها حُبَّاً وتروينَها الهدى
وكمْ كنتِ هدْهَدْتِ الفؤادَ برِقَّةٍ
تفيضُ حناناً في دمائي فَأسعَدا
تُريدينَ أن أغفو فأصحو فتشتكي
وتسقينني كأسَ الحنانِ لأرْقُدا
فكيفَ أنامُ الليلَ والجمرُ في دَمي
وروحُكِ في روحي تحلُّ على المدى؟
سأبكيكِ ما ناحَ اليَمامُ مُسجّعاً
على إلْفِهِ يبكي الفراقَ المُجَدَّدا
الشاعر باسل بزراوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق