الثلاثاء، 15 أبريل 2025

الفَرَجُ بَعْدَ الضِّيق ِبقلم فُؤَاد زَادِيكِي

الفَرَجُ بَعْدَ الضِّيقِ

بقلم: فُؤَاد زَادِيكِي

إِنَّ الحَيَاةَ لَا تَسِيرُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَ لَا تَسْتَقِرُّ عَلَى حَالٍ وَاحِدٍ، بَلْ هِيَ دَائِمَةُ التَّغَيُّرِ وَ التَّطَوُّرِ، تَنْتَقِلُ بِنَا مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَ مِنْ شِدَّةٍ إِلَى فَرَجٍ، وَ مِنْ حُزْنٍ إِلَى فَرَحٍ. فَكَمْ مِنْ مَرَّةٍ شَعَرْنَا بِالضِّيقِ وَ الْكَرْبِ، وَ ظَنَنَّا أَنَّهُ لَا مَخْرَجَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ، وَ إِذْ بِالفَرَجِ يَأْتِي بَغْتَةً كَنُورِ الصَّبَاحِ بَعْدَ لَيْلٍ طَوِيلٍ.

إِنَّ الإِيمَانَ بِأَنَّ كُلَّ ضِيقٍ سَيَزُولُ، وَ أَنَّ كُلَّ كَرْبٍ لَهُ نِهَايَةٌ، هُوَ السِّرُّ فِي القُدْرَةِ عَلَى التَّحَمُّلِ وَ الثَّبَاتِ. فَالرَّجُلُ الَّذِي يُؤْمِنُ بِرَبِّهِ، وَ يَعْرِفُ أَنَّ اللَّهَ لَا يُضَيِّعُ عَبْدًا تَوَكَّلَ عَلَيْهِ، يَسِيرُ فِي طَرِيقِهِ وَ هُوَ مُتَطَمْئِنٌّ، لَا يَخَافُ مِمَّا قَدْ يَأْتِي، وَ لَا يَتَرَدَّدُ فِي أَنْ يُوَاصِلَ السَّيْرَ وَ إِنْ كَانَ الطَّرِيقُ وَعِرًا.

وَ لَكِنَّ هَذَا الإِيمَانَ لَا يَكْفِي وَحْدَهُ، فَهُوَ يَحْتَاجُ إِلَى مَا يُقَوِّيهِ وَ يُثْمِرُهُ، وَ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ وَ الاجْتِهَادِ وَ السَّعْيِ المُسْتَمِرِّ. فَلَا يَجُوزُ لِلإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَسْلِمَ لِلْكَسَلِ، أَوْ أَنْ يَتَقَاعَسَ عَنِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ تَحْقِيقِ أَحْلَامِهِ، فَالفَرَجُ لَا يَأْتِي إِلَّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ.

كَمْ مِنْ أُنَاسٍ بَدَؤُوا مِنْ صِفْرٍ، وَ لَكِنْ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا بِنُفُوسِهِمْ، وَ بِقُدْرَةِ رَبِّهِمْ، وَ لَمْ يَفْقِدُوا الأَمَلَ، صَارُوا نَمَاذِجَ لِلصُّمُودِ وَ النَّجَاحِ. فَهَذَا الَّذِي كَانَ فَقِيرًا أَمْسَى غَنِيًّا، وَ ذَلِكَ الَّذِي عَانَى مَرَضًا أَصْبَحَ صَحِيحًا، وَ تِلْكَ الَّتِي تَأَخَّرَتْ فِي التَّعَلُّمِ أَصْبَحَتْ مِنْ أَفْضَلِ العَالِمَاتِ.

لَا يُوجَدُ شَيْءٌ يَدُومُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَاللَّيْلُ يَتْبَعُهُ النَّهَارُ، وَ البُؤْسُ يَتْلُوهُ السُّرُورُ، وَ الدَّمْعَةُ تَعْقُبُهَا ابْتِسَامَةٌ. فَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ بِأَنَّ الفَرَجَ قَادِمٌ، وَ لْنَسْعَ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَا نَمْلِكُ مِنْ قُوَّةٍ وَ إِرَادَةٍ.

وَ فِي نِهَايَةِ المَطَافِ، نَقُولُ: لَا تَفْقِدُوا الأَمَلَ، فَإِنَّ بَعْدَ كُلِّ ضِيقٍ فَرَجًا، وَ بَعْدَ كُلِّ لَيْلٍ صَبَاحًا، وَ مَعَ كُلِّ حُزْنٍ فَرَحًا، فَاللهُ أَرْحَمُ بِنَا مِمَّا نَظُنُّ، وَ مَا عَلَيْنَا إِلَّا أَنْ نَصْبِرَ وَ نَعْمَلَ، فَالفَرَجُ آتٍ لَا مَحَالَةَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

غَرامٌ لا يَموتُ بقلم عصام أحمد الصامت

غَرامٌ لا يَموتُ أَلا يا مَلاكي، أَنتِ الحُبُّ الأَبدي مادامَ شَكُّكِ قائِماً فَلا لُومَ إنَّ الغَرامَ عَلى شَفا الجُنونِ وَأَنا الَّذي مَلَ...