الماء الذي يَصْلُح للوضوء .
الماء الذي يَصْلُح للوضوء هو الماءُ المُطلَقُ: أي الماءُ الباقي على أصلِ خِلقَتِه فلم يتغير أحد أوصافه الثلاثة ، فالماء عديم اللون وعديم الطعم وعديم الرائحة ، فإذا خالط الماء أي شيء طاهر كالورد مثلاً وغير اللون أو الطعم أو الرائحة فإننا نقول عليه ماء الورد ، فالورد المضاف على الماء أخرج الماء عن أصل خلقه وغير أوصافه فلا يصلح للوضوء ، وإن توضأ به مسلم وصلي به وجب عليه إعادة الوضوء والصلاة مرة أخري ، ولكن إذا كان الماء كثيراً كما في مياه الأنهار والبحار والتُرع والآبار ووقع فيها شيء طاهر أو نجس كالحيوانات الميتة ولم يتغير أي شيء من أوصاف الماء لكثرته فإن الوضوء صحيح ولا شيء فيه لأن الماء لم يتغير عن أصل خلقه ، ولعِظم مكانه الماء في حياة الإنسان على وجه الأرض فإن الله عزّ وجل من أنزله بالقدر الذي يكفي حاجة البشر ، وتكفل بحغظه في صورة أنهار أو بحار أو عيون أو آبار ، وأوضح الحق تبارك وتعالى لنا صِور الماء الطاهر الذي نشرب منه ونتوضأ به ونغتسل به من الجَنابة ، وهو ماءُ المَطرِ : قال الله عز وجل في سورة الفرقان : { وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا * لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا * وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا } .
وقال الله عزّ وجل في سورة المؤمنون :﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ﴾
وماء البحر ، روي الإمام أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله قال : سألَ رجلٌ رسولَ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ و سلَّمَ فقال يا رسولَ اللهِ إنَّا نركَبُ البحرَ ونحملُ معنا القليلَ من الماءِ فإن تَوضَّأنا به عَطِشْنا أفنتوضَّأُ من ماءِ البحرِ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ و سلَّمَ هو الطَّهورُ ماؤهُ ، الحلُّ ميتتُه ).
وماءُ العُيونِ: وهو ما ينبُعُ مِنَ الأرضِ
قال تعالى في سورة الزمر:( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الأَرْضِ ) ويُستدَلُّ بالآيةِ على طهارةِ ماءِ العُيونِ وبما رواه الإمام أحمد من حديث عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دعا بسَجْلٍ من ماءِ زَمزمَ، فشَرِبَ منه وتوضَّأَ))
وماء الآبار ، روي الإمام أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّه قيلَ لرسولِ اللهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أنتوضَّأُ من بئرِ بُضاعةَ وَهيَ بئرٌ يُطرحُ فيها الحيضُ ولحمُ الكلابِ والنَّتنُ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : ( الماءُ طَهورٌ لا يُنجِّسُه شيءٌ ).
والماء الطاهر الذي خالطه شيء طاهر أو شئ نجس ولم يؤثر في لونه أو طعمه أو ريحه فهو ماء صالح للوضوء والغُسل من الجنابة ، روي الإمام ابن ماجه من حديث فاختة بنت أبي طالب أم هانئ إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ اغتسلَ وميمونةَ من إناءٍ واحدٍ في قصعةٍ فيها أثرُ العَجينِ ) ، وروي الإمام ابن ماجه من حديث أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: إِنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ, إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ وَطَعْمِهِ وَلَوْنِهِ ) .
وكذا الماء المُجمد أي الثلج وحبات البَرد وهي حبات الثلج المُجمدة التي تتساقط مع المطر ، فهذا الماء الناشئ عن تحلل الثلج طاهر ولا حرج على الشرب منه والطهارة به ، روي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَسْكُتُ بيْنَ التَّكْبِيرِ وبيْنَ القِرَاءَةِ إسْكَاتَةً - قالَ أَحْسِبُهُ قالَ: هُنَيَّةً - فَقُلتُ: بأَبِي وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، إسْكَاتُكَ بيْنَ التَّكْبِيرِ والقِرَاءَةِ ما تَقُولُ؟ قالَ: أَقُولُ: اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنَ الخَطَايَا كما يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبْيَضُ مِنَ الدَّنَسِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بالمَاءِ والثَّلْجِ والبَرد ).
اللهم ارزقنا الفقه في ديننا الإسلامي الحنيف وجنبنا الزيغ والزلل .
بقلم . د / عزام عبد الحميد أبو زيد فرحات

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق