الثلاثاء، 22 يوليو 2025

بغير وداع بقلم محمد جعيجع

 بِغَيرِ وَدَاعٍ ... 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

غَابَت سُعَادُ وَقَلبِي صَابَهُ الوَجَلُ ... 

عَنِ الدِّيَارِ وَفِي تِرحَالِهَا العَجَلُ 

وَالرَّكبُ يَخطُو الخُطَى فَجرًا بِلَا أَثَرٍ ... 

وَدُونَ تَودِيعِي وَالصَّدرُ مُشتَعِلُ 

وَالأُذنُ مَا سَمِعَت وَقعًا لِرَاجِلَةٍ ... 

وَلَا صَهِيلَ خُيُولٍ أَو رَغَا جَمَلُ 

وَلَا بكَى طِفلٌ جُوعًا وَلَا نَبَحَت ... 

فِي الحَيِّ لَيلًا كِلَابٌ أَو ثَغَا حَمَلُ 

وَمَا تَكَلَّمَ فِيهِ صَافِرٌ أَبَدًا ... 

وَمَا رَمَى وَقعَةً حَافٍ وَمُنتَعِلُ 

أَو صَرخَةٌ مِن هُنَا أَو مِن هُنَاكَ بَدَت ... 

وَلَا مَشَى فِي الحِمَى صَاحٍ وَلَا ثَمِلُ 

وَلَا رَأَت عَينِي شَمسًا وَلَا قَمَرًا ... 

أَو بَيَاضًا وَسَوَادٌ مِنهُ يَنسَدِلُ 

وَصَارَتِ الدَّارُ أَطلَالًا وَمُوحِشَةً ... 

عَدَا صَفِيرِ رِيَاحِ الخَوفِ تَنهَمِلُ 

وَالوَجدُ مُؤنِسُهُ وَالشَّوقُ مِروَدُهُ ... 

وَعَينُهُ بِسَوَادِ اللَّيلِ تَكتَحِلُ 

يَا طَارِقَ البَابِ مَهلًا غَابَ سَاكِنُهُ ... 

لَا تَطرُقِ البَابَ طَرقَاتٍ لَهَا الفَشَلُ 

ثَلَاثُ طَرقَاتٍ تَكفِي بِشِرعَتِنَا ... 

فِي سُنَّةِ المُصطَفَى وَالنَّاسُ قَد فَعَلُوا 

بَدءًا بِأُولَى وَتَنبِيهًا بِثَانِيَةٍ ... 

وَالخَتمُ ثَالِثَةٌ تَأكِيدُهَا الأَمَلُ 

فَالإِذنُ مِن بَعدِهَا أَو دُونَ فَائِدَةٍ ... 

بِالطَرقِ تُرجَى وَأَهلُ الدَّارِ قَد رَحَلُوا 

وَلَم يَعُد أَحَدٌ فِي الدَّارِ يَسمَعُ طَر ... 

قَ البَابِ عَن كَثَبٍ، رَاحُوا وَمَا سَأَلُوا 

رَاحُوا وَمَا تَرَكُوا فِي الدَّارِ مِن خَبَرٍ ... 

عَن وِجهَةٍ وَدَلِيلٍ حَيثُمَا نَزَلُوا 

فَاحفَظ يَدَيكَ وَبَابُ الدَّارِ مِن خَشَبٍ ... 

قَد صَابَهُ مِن يَدَيكَ الوَخزُ وَالخَجَلُ 

لَا تُكثِرِ الطَّرقَ مَرَّاتٍ عَلَى خَشَبٍ ... 

فَالبَابُ لَم يُخبِرُوهُ أَينَمَا ارتَحَلُوا 

تُحَدِّثُ البَابَ عَنهُم حِينَ تَطرُقُهُ ... 

وَالقَلبُ يَسأَلُهُ وَاللَّثمُ وَالقُبَلُ 

يَا بَابُ قُل لِي باللهِ عَلَيكَ مَتَى ... 

أَحِبَّتِي سَافَرُوا فِي الفَجرِ أَم رَحَلُوا ؟! 

يَا أَضلُعَ البَابِ مَن مِنكُنَّ تُخبِرُنِي ... 

أَحِبَّتِي خَرَجُوا بِاللَّيلِ أَم دَخَلُوا ؟! 

هَذَا فُؤَادِي بِالآهَاتِ يَسأَلُكُم ... 

وَالشَّوقُ صَهدٌ وَعَينِي صَابَهَا الغَلَلُ 

كَأَنَّ رِيحًا تُنَادِينِي وَأَسمَعُهَا ... 

بِالكَادِ أَفهَمُهَا، يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ 

لَا تُكثِرِ السُّؤلَ فَالأَحبَابُ قَد هَجَرُوا ... 

وَفِّر دُمُوعَكَ، أَهلُ الدَّارِ قَد رَحَلُوا 

هَذَا جَوَابُ صَفِيرِ الرِّيحِ يُبلِغُنِي ... 

دُونَ المَكَانِ وَقَلبِي شَاكَهُ الأَسَلُ 

فَصِرتُ كَالأَعمَى وَالضَّوءُ جَانَبَهُ ... 

أَو كَالَّذِي مَسَّهُ فِي عَقلهِ الخَبَلُ 

وَصِرتُ مُرتَجِفًا كَالدِّيكِ لَيلَةَ رِيـ ... 

حٍ مَاطِرٍ عَاصِفٍ قَد صَابَهُ البَلَلُ 

أَبكَت جُفُونِي بغَيرِ الدَّمعِ جَائِحَةٌ ... 

هَبَّت بِلَيلٍ فَلَا عُنفٌ وَلَا مَهَلُ 

بَرقٌ وَرَعدٌ وَرِيحٌ عَاصِفٌ وَجِلٌ ... 

وَالغَيثُ لَا هَلَلٌ وَالسَّيلُ لَا هَمَلُ 

فَمَا يَرُوقُ طَعَامٌ لِي وَلَا شُرُبٌ ... 

وَلَيسَ يُغرِينِي دُرٌّ وَلَا الحُلَلُ 

وَلَا يُسَلِّينِي دُفٌّ وَلَا وَتَرٌ ... 

وَلَا يُجَارِينِي سَهلٌ وَلَا جَبَلُ 

فَالرُّوحُ فِي جَسَدِي ضَاقَت مَخَانِقُهَا ... 

وَالنَّفسُ شَاحِبَةٌ فِي بُؤسِهَا ثَكَلُ 

وَالعَينُ أَدمَت جِرَاحَاتٍ بِهَا وَصَبٌ ... 

وَالحَرُّ فِي صَدرِي نَارٌ لَهَا شُعَلُ 

لَا الأَرضُ طَابَت وَلَا المِرِّيخُ يُسعِدُنِي ... 

لَا المُشتَرِي رَاقَنِي عَيشًا وَلَا زُحَلُ 

بَعدَ الرَّحِيلِ انتِظَارُ المَوتِ عَن رَصَدٍ ... 

لِلعَيشِ تَحتَ الثَّرَى إِن زَارَنِي الأَجَلُ 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

محمد جعيجع من الجزائر ـ 08 جويلية 2025م


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

رَهْنُ اليَقِينِ بقلم ناصر إبراهيم

#رَهْنُ اليَقِينِ  لَيسَ الغَدُ عِندِي إلَّا رَهْنَ يَقِينٍ صَلْبٍ، أَرنُو إلَيهِ كَمَا يَرنُو المُحَارِبُ إلى فَجرِ النَّصرِ. إِنِّي أُعلِّ...