السبت، 30 يوليو 2022

جاني العنب بقلم البشير سلطاني

خاص بالمسابقة

                            جاني العنب

العيد يعرفه أهل القرية ولا أحد يجلس إليه قدم من قرية مجاورة أبوه إنتقل بعد قرار إتخذه شيوخ العشائر نتيجة حادث لا يعرفه الكثير ممن جاورهم كنت الوحيد الذي يجلس ليستمع بقوة اللغة التي يتحدث بها وحواره معي حول الفلاسفة والمفكرين الغربيين ذات مرة باع محصوله من العنب وبعد عملية الوزن لم يكن مع المشتري المبلغ الكافي للمحصول كان رد الزبون 
في المرة القادمة أكمل لك الباقي 
نظرت إليه وعرفت الإجابة دون أن يتكلم
بهندامه المتسخ قلت في نفسي سينتقل العيد إلى بلدته البعيدة معه
لم ينتظر قليلا قال العيد : كيف أتحمل كل هذه المدة وهل يطيب لي النوم؟
هيا لننطلق وركبنا الشاحنة وبعد ساعات وصلنا إلى تلك المدينة
لسوء حضنا وجدنا جنازة عند جار المشتري إندهش وكاد يقلب تلك الشاحنة 
نزل بسرعة وعرف ان الحاج لحسن جاره توفي كان الوقت يقارب صلاة العشاء ونحن ننزل سمعنا شيخا يحدث الناس يلقي عليهم درسا دينيا 
بدأ العيد يتمتم غاضبا قلت له ما يغضبك سي العيد؟
قال هذا الصعلوك يقدم رقصات غجرية وليس درسا دينيا
إندهشت وقلت مادخلنا نحن ضيوف فقط
رد علي كيف نترك خلفنا (خشة)
اي فراغ إن الطبيعة تخشى من الفراغ أيها الفيلسوف 
ماذا كنت تعلمني عن فلاسفة الغرب قائلا لي
سكن الصمت روحي ولم أجبه لأنه سريع الغضب
تقدم وجلس عند مدخل الخيمة التي أقيمت للجنازة
ولم يتمالك حتى خاطب ذلك الشيخ
كف عن هذا الهراء
بذلك الهندام الذي شرب من العنب وبطول الطريق تشم رائحة الخمر كأن سي العيد انهى جلسة ندامى مع أبي نواس 
إلتفت الجمع إليه 
وهو خريج الزيتونة أعرف علمه وتمكنه من القراءة والحفظ والتفسير والشعر والأدب العربي وقواعد اللغة وألفية ابن مالك إن سي العيد بحر مغدق
قائلا : القرآن محكم ومتشابه
آيات محكمات فصل الشارع فيها
وأخرى متشابهات ترك النقل مساحة للعقل للنظر فيها
وهي تظم المستجدات 
خرج الجميع من الخيمة وإلتحق بسي العيد وراح يفسر القرآن والجميع إنبهر بغزارة العلم ولم ينتبه أحد منهم الى هندامه ورائخته إلا أنا أبتسم مرة وأدير وجهي من كثرة الضخك والأخرون يرددون ماشاء الله سئم بعضهم من يملك قاعدة فكرية من الدروس المستنسخة والمطبوعة 
ومر وقت الصلاة ولم ينتبهوا 
ولما إشتد الليل قلت له 
الحاج غدا نعود الى الديار قال أحدهم أتركه لنا لنتعلم
قلت له هل يصلح العطار ما أفسده الدهر
قام سي العيد ونظر الي 
فقلت له الحمد لله نحن في وادي شلف يمكنك أن تغسل عطورك فيه
إبتسم وهو نادرا ما يضحك

البشير سلطاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

‏بنك القلوب بقلم ليلا حيدر

‏بنك القلوب بقلمي ليلا حيدر  ‏رحت بنك القلوب اشتري قلب ‏بدل قلبي المصاب  ‏من الصدمات ولما وصلت على المستشفى  ‏رحت الاستعلامات ‏عطوني ورقة أم...