نهاية البداية
بقلم : ماهر اللطيف
كانت تعاتبني، تلومني، تنتقدني، تجرحني بكلامها ونعوتها وتشبيهاتها التي قزمتني ونالت مني أيما نيل لتقصيري تجاهها و اهمالها إهمالا كاملا مقارنة بشغفي وهيامي بالكتابة والغوص في أغوار الضاد واعماقها.
بل انها كانت تذكرني بسلبياتي حتى في الكتابة إذ لم اذكرها يوما في اي نص من نصوصي لا من قريب أو بعيد، ولم أتقن و امهر أساليب الرومانسية والحب حسب رأيها فكنت دائما ما أتطرق إلى مواضيع تهم الرأي العام وتشغل بالهم في شتى القطاعات والميادين، وهو ما زاد من يقينها في إفلاسي عاطفيا و اميتي في الحب والعشق وجهلي في أبجديات العلاقات الإنسانية بين الجنسين.
لذلك، ضاقت ذرعا من تصرفاتي ومعاملاتي وشرعت في التخطيط لهجري وتركي دون رجعة ما دمت مبتدئا في الحب كما ادعت.
فقالت في نهاية حوارنا المطول الذي انطلق منذ ما يزيد عن الساعة ولم يخرج عن هذا الإطار والمحتوى، وهي تكرر نفس الأمور والأشياء بطرق مختلفة كلما شعرت بتكرار نفسها ودورانها في حلقة مفرغة:
-... ففي ظل هذه الظروف لا يمكنني التواصل معك ومواصلة علاقتي بك و أنت مغرم بغيري إلى حد الهيام والذوبان. أنا لا أريد أن أكون عجلة خامسة، فإما أن أكون الكل في الكل أو لا اكون، أنا امقت أن أكون جزءا من كل
- (ضاحكا) هي عمري، حياتي، كياني، أملي وهدفي في الحياة
- (مقاطعة بشدة وصائحة بأعلى صوتها) توقف، كف عن هذا التصرف (وانا اقهقه) اصمت فقد اتعبتني، نلت مني، سببت لي الوهن والمرض (احاول مسكها من يديها فتنفرني)، لم أعد أطيق البقاء معك (وهي تستقيم وتستعد لمغادرة المكان وانا امنعها)، اتركني وشأني أيها الكاتب العظيم ، أيها المفكر، أيها الجهبذ
- (بجدية أكثر) اجلسي حبيبتي، اجلسي أرجوك وانصتي جيدا (وهي تصر على المغادرة في البداية، لكنها تجلس مكرهة بعد إصراري والحاحي) لنضع النقاط على الحروف : ما الأمر الذي تحتجين عليه في علاقتنا؟ قلة الاهتمام والرعاية و إغراقك في بحر الرومانسية وطيب الكلام وحلوه؟ (وهي تسمر عينيها نحوي وتستغرب من حديثي بتغير تقاسيم وجهها) اهتمامي بالكتابة عوض الاهتمام بك من ناحية، وعدم ذكرك في نصوصي حتى بالتلميح؟
- (مكرهة وبنبرة ساخرة) أجل
- (ضاحكا) لننطلق إذن من الحب، ما هو تعريفه عندك؟ (ترفض الإجابة) هو الحياة، هو كل التفاصيل والكليات التي تعترضنا في الحياة ،هو التكامل بين القول والعمل.
- (مقاطعة) كف عن السفسطة
- (مقهقها) هذا واقع وليس سفسطة يا مهجة الروح، ألم أصارحك بكل صغيرة وكبيرة عني وعن حياتي ومناهج عملي وتصرفاتي منذ أن عرفتك أول يوم؟ (وهي تومئ بالموافقة براسها الذي أرجحته من فوق إلى تحت) ألم أعلمك أني قليل الكلام والتعبير عن مشاعري وأحاسيسي وكثير العمل لإظهار حبي على أرض الواقع؟ (وهي توافق كالعادة) فهل قصرت يوما تجاهك في اي تصرف؟ هل مر يوم دون أن نلتقي و أعطيك ما أمكن من الهدايا والعطايا ؟ هل أخلفت وعدا أو موعدا؟ هل تلاعبت بك أو حاولت الخروج عن اتفاقنا؟
- (مقاطعة بلطف) ليس هذا موضوعنا، أنا ألومك عن تصرفاتك وشحك في التعبير عن مشاعرك و أحاسيسك
- (مبتسما) وهل تشكين في حبي لك؟ ألم تقم أفعالي محل أقوال وتبرهن لك عن ذوبان قلبي وتحلله تحللا شاملا وكاملا في كل أرجاء قلبك الفسيح الذي ينبض موسيقى تتغنى باسمي؟
- (مبتسمة) ها إنك تتقن الغزل أيها اللئيم
- محاولا مسك يدها وهي تبعدها) لا تحاول تخديري بهذه الكلمات كان شيئا لم يكن، فعلاقتنا ينتابها البرود مهما حاولت إخفاء ذلك بشحنها بكلمات كانت فعالة وبناءة قبل أن تفرغ بطارية قلبي وتجاوز مدة صلاحيته وفناء وجوده
- (مقاطعا بشدة) ماذا تريدين إذن؟ إنهاء العلاقة ووأد حبنا وهو في المهد؟
- (مطأطئة رأسها) نعم ، لم أعد أرغب في مواصلة علاقتي بك.
ورغم تواصل الحوار ومحاولة لم الشمل من جديد ورتق كل رقعة و فتق في هذه العلاقة، إلّا أنها لم تتزحزح عن رأيها ولم تتراجع عن قرارها وتمسكت بالهجر والفراق بعد أن فاض كأس صبرها ولم يعد يتسع إلى المزيد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق