مكانة المراة في المجتمع العربي الاول
.
بقلم : فالح الكيــــلاني
.
المرأة العربية عاشت وكانت جزءا من الواقع للمجتمع العربي المعاش انذاك ومن الطبيعي ان تكون مشاركتها فيه فاعلة وشديد ة وتختلف باختلاف البيئة والمكانة التي تعيشها, لذا اختلفت مكانتها حسب المستوى الاجتماعى ووفقا للعرف القبلي الذي كان سائدا ولم يكن للمرأة حالة عامة تقاس عليها ويذهب بعض المتخصصين في دراسة احوال المراة بأنها كانت أكثر تحررًا قبل الإسلام عما كان عليه وضعها خلاله .
أن حقوق المرأة العربية تضرب بجذورها في عمق التاريخ العربي،
وتستعين بذلك بأدلة من الحضارة النبطية القديمة الموجودة في الجزيرة العربية، فالمرأة العربية في ظل هذه الحضارة كانت تتمتع بالشخصية القانونية المستقلة، الا انها فقدت الكثيرمن ذلك لدى بعض القبائل ويختلف وضع المرأة على نطاق واسع في جزيرة العرب من مكان لآخر نظرًا لإختلاف الأعراف والعادات الثقافية للقبائل التي كانت متواجدة آنذاك؛ حيث كانت قوانين الديانات المسيحية واليهودية مهيمنة للغاية بين الصابئة والحميرين في الجنوب المزدهر من المنطقة العربية. وفي أماكن أخرى مثل مكة المكرمة ويثرب لمجموعة من القبائل الساكنة في هذه الاماكن ؛ وكان ذلك أيضًا ينطبق مابين ساكني الصحراء من البدو، ويختلف الوضع باختلاف العرف من قبيلة لأخرى، وبالتالي لم يكن هناك تعريف واحد لا للدور الذي اضطلعت به المرأة ولا للحقوق التي حصلت عليها في جاهليتها.
ففي طبقة الأشراف والسادة والأغنياء، كانت المرأة محترمة، مصونة تتمتع بكل الحقوق، تُسل دونها السيوف، وتراق فداء لكرامتها الدماء وكانت لها ذمتها المالية المستقلة فأمتلكت الأموال، وشاركت فى التجارة ، وتعهد بها لمن تشاء من أهل الثقة والكفاءة والأمانة وحسب رغبتها .
أما فى الحروب فقد لعبت المرأه دورا كبيرا فيها وذلك بإثارة روح الحماس في صفوف الرجال، وتشجيعهم علي بذل النفوس رخيصة بغية تحقيق النصر لقبائلهم والذود عنها وعن محارمها , وكانت المرأة احدى هذه المحارم ، واذكر انها عندما استحكم الصراع بين الغساسنة والمناذرة نزلت (حليمة بنت الحارث الغسانى ) لتتفقد جنود أبيها بنفسها ولتحثهم على الحرب والقتال وتبث فيهم روح الحماسة والاقدام ، وتدهن أيديهم بالطيب والعطر . وكان اندلاع (حرب البسوس ) التي دامت اربعين عاما الشهيرة بسبب اعتداء (كليب ) زعيم ربيعة على ناقة (البسوس).
وتتكرر هذه الحالة عند محاربة قريش للمسلمين فى يوم أُحد حيث خرجت النساء القرشيات بقيادة (هند بنت عتبة ) زوج أبى سفيان بن حرب يتجولن في صفوف القرشيين المقاتلين ، ويضربن بالدفوف، يستنهضن الرجال، ويحرضنهم على القتال والحرب ويعلنّ انهن لن يكن ازوجا لهم ان خسروا الحرب والنزال وهن ينشدن الاناشيد :
ويها بنى عبد الدار ويها حُماه الأدبار
ضربا بكل بتـــار
وكانت النساء تصاحب الرجال إلى ساحة القتال لمداوة الجرحى، وحمل الماء إلى العطشى، ولم يقتصر دورهن عند هذا الحد فحسب، بل شاركن في المعارك وبارزن في القتال بالسيف، وامتطين صهوة الجياد، ورفعن لواء الحرب، وكانت لبعضهن صولات وجولات لا تقل عن فرسان قبائلهن. وربما كان الاعتداء على المرأة يسبب اندلاع الحرب بين القبائل، وإراقة الدماء، فهذه ( ليلى) والدة الشاعر (عمرو بن كلثوم ) يوم استجارت بقومها . لم يملك ابنها إلا أن استل سيفه وذبح الامير (عمرو بن هند ) شقيق ملك الحيرة، وسبى خيله ونساءه عقابا له لتعمد امه إهانة ضيفتها ام عمرو بن كلثوم وفي ذلك يقول :
بِأَيِّ مَشِيْئَـةٍ عَمْـرَو بْنَ هِنْـدٍ
تُطِيْـعُ بِنَا الوُشَـاةَ وَتَزْدَرِيْنَـا
تَهَـدَّدُنَـا وَتُوْعِـدُنَا رُوَيْـداً
مَتَـى كُـنَّا لأُمِّـكَ مَقْتَوِيْنَـا
فَإِنَّ قَنَاتَنَـا يَا عَمْـرُو أَعْيَـتْ
عَلى الأَعْـدَاءِ قَبَلَكَ أَنْ تَلِيْنَـا
إِذَا عَضَّ الثَّقَافُ بِهَا اشْمَـأَزَّتْ
وَوَلَّتْـهُ عَشَـوْزَنَةً زَبُـوْنَـا
عَشَـوْزَنَةً إِذَا انْقَلَبَتْ أَرَنَّـتْ
تَشُـجُّ قَفَا المُثَقِّـفِ وَالجَبِيْنَـا
فَهَلْ حُدِّثْتَ فِي جُشَمٍ بِنْ بَكْـرٍ
بِنَقْـصٍ فِي خُطُـوْبِ الأَوَّلِيْنَـا
واشتهر بعض نساء العرب بالحكمة والتعقل ، فكن مرجعا للاخذ بمشورتهن ، وسماع آرائهن. لذا كانت المرأة تتمتع بكل الاحترام اذ كانت اما . وللأم صفة خاصة ومكانة مرموقة حيث يحرص ابناؤها –ولا يزالون - على برها وكسب ودها ،ولما جاء الإسلام اكد هذه النزعة قال تعالى :
( وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا اما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهنما جناح الذل من الرحمة وقل ربي ارحمهما كما ربياني * ) . سورة الاسراء الايتان \23 و24
أما فى الحياة الأدبية فقد برزت نساء شاعرات، أجدن نظم الشعر ،و امتلكن من فصاحة اللفظ ،وجزالة المعنى ما جعلهن في موقع المساواة مع فحول الشعراء وكان من أشهرهن (جليلة بنت مرة ) ، والخنساء (تماضر بنت عمرو بن الشريد ) التى بلغت من الفصاحة والبيان مما أهلها للقيام بالتحكيم بين كبار الشعراء في سوق المربد .
و المرأة فى الحياة اليومية العادية فقد حظت نساء الأشراف والاغنياء فى بيوتهن بالراحة والدعة ، تخدمهن الجوارى والإماء ، فيقضين أوقات فراغهن فى التزين لازواجهن ، وعقد المجالس مع نساء طبقا تهن وفي الحديث والمسامرة .
اما المرأة فى الأوساط العامية أو البدوية ، فكانت أقل حظا من بنات الطبقة الراقية ، إذ يقع على عاتقهن مسؤولية البيت ، ورعاية الأولاد ،وإعداد الطعام ،وسقى الماء ، وجلبه من الأبار والعيون ، وحلب الحيوانات ، وغزل الصوف – كما هو الحال في المجتمعات القروية لدينا الان - ، وصناعة الملابس لها ولأولادها ،وصناعه الخيام والبسط،وجمع الحطب للوقود،وفضلا ذلك كانت بعض النساء تشارك زوجها في كسب العيش والسعي للرزق فمنهن من ا حترفت الرضاعة مثل ( حليمة السعدية ) مرضعة الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم وتبنت ارضاع أبناء الأغنياء في الحضر مقابل جعل يأخذونه من والد الصبي. ومنهن من اشتغل بالكهانة والعرافة والتنجيم وبعضهن اوكل اليهن سدانة المعابد أو خدمة الاصنا م . يلاحظ كتابي ( شذرات من السير ة النبوية المعطرة )
وهذا غيض من فيض مما كانت المراة العربية في جاهليتها تعمله ومكانتها الاجتماعية فيها .
لاحظ كتابي ( المراة العربية في الشعرالجاهلي )
.
امير البيـــــان العربي
د . فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق –ديالى – بلـــــد روز
************************
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق