أحلام أنثى
الحلقة الأخيرة
" تريز قلب يسوع "
تابعت سحر : سألني مدير مكتب شؤون الموظفين في الشركة الإفرنسية
، كيف لا تعرفين؟ سليم طيار سابق على الخطوط التي كنت تعملين عليها.
الحقيقة أنا لم أدرك أبعاد السؤال ولا غايته، قلت لا... أنا لا أعرفه ولا أريد أن أعرفه. والحقيقة أنا أعرف الدافع هو الفقر والجوع اللذان أوصلاه إلى الإنحراف.
أخرج من درج مكتبه مصنفا، باسم سليم ، وسحب منه كتابا رسميا وعليه طوابع سورية وسألني باستغراب، كيف توقعين على شهادة تعريف وحسن سلوك وأنت تقولين إنك لا تعرفينه...
تفحصت الورقة بدقة هي شهادة سليمة، عادة الشركة تطلب شهادتي تعريف رسميتين موقعتين أصولا من أشخاص معروفين...
أنا في الحقيقة بهت، واستغربت الأمر، واحترت ماذا أقول: لكن وجدت لا فائدة من التجاهل، ودائما الحقيقة والصدق هما أسلم الطرق. وقلت لا يا سيدي، هذا ليس توقيعي وأنا لا أعرف شيئا عن هذه الوثيقة...
ارتبك مدير شؤون الموظفين وقال: هذه هي الشهادة الثانية من رجل محترم الأب ميشيل من سورية... حدق الرجل في الطلب ورقة رسمية صادرة من مكتب الأب ميشيل، واتصل مع الأب مباشرة وأرسل له صورة الشهادة.
قال أبونا: الورقة رسمية من مكتبي، وهذا خاتمي لكن ليس هذا توقيعي وأنا لا أعرف شيئا عن هذه الوثيقة...
ذهبنا إلى مدير عام الشركة فقال: غريب كيف بدا لي هذا الإنسان بغاية الذوق والرقي، وطلب منا المدير ألا نخبر أحدا نهائيا عن هذا الأمر، لا نريد أن نخلق عداوات بين الناس، لكن الشركة تعرف كيف تتصرف، وتصرف هذا المخادع المزور عن شركتنا.
بعدها أمضيت بعض الوقت مع أختي حتى عادت إلى سورية. ذهبت إلى أبونا جاك حتى أعطيه الرسالة من أبونا ميشيل، وأنا لا أعرف ما فيها.
قال أبونا جاك، يوصيني الأب ميشيل بإعطائك غرفة في دير الراهبات ريثما تدبرين أمر سكنك.
فعلا خصصوني غرفة تطل على نهر السين، وحدائق واسعة أمامها، والورود تزين نوافذها وأريج الورد يعبق في الغرفة...
راهبة أخذتني حتى تعرفني على الكاتدرائية الكبيرة وعن أوقات الصلوات، وعن مواعيد الطعام، وغير ذلك...
في الكنيسة، يوجد أورغ ضخم يستخدمونه للتراتيل الدينية، أنا في الحقيقة لم أعزف على أورغ سابقا، لكن طلبت الإذن لأجرب العزف كانت الكنيسة فارغة...كانت النوتات أمامي، ألحان كنسية، وسرعان ما اندمجت في العزف وأطلقت لنفسي العنان على سجيتها، وصوت الأورغ ملأ الكنيسة، وعزفت، وعزفت، ودموعي تسيل على خدودي، كنت أعزف قصة أحزاني وما آلت إليه أوضاعي...
بعدما توقفت كان أبونا جاك مع عدد من الراهبات في الكنيسة أخذن يصفقن بشدة، وكانت الريسة تردد ممتاز، رائع، رائع...
سألتني الريسة إذا كان بالإمكان أن أعزف لهم دائما وقت القداديس والمناسبات التي تتطلب موسيقى... أنا وافقت.
لاحظت الراهبات تواجدي الدائم في مكتبة الدير الضخمة، واهتمامي بالكتب، وكنت أفكر في إتمام مؤلفي في عالم السياحة... وأبحث عن المصادر وأكتب.
طلبت مني الريسة إذا كان ممكنا أن أكون مسؤولة عن موسيقى الكنيسة، والمكتبة لقاء أجر وإقامة في دير الراهبات...
كان همي هو أمي كيف ستكون وحيدة في دمشق، اعتذرت من الريسة وأخبرتها السبب، قالت سنتدبر أمر أمك وسنحضرها لتعيش معك...
أجرنا بيتينا في دمشق، وجاءت أمي وسكنا في باريس في شقة لطيفة تشرق الشمس عليها، ولا تغرب منها، حتى ترسل لنا القمر يبهج ليالينا...
أنا نسيت أمر سيمون ذاك الدليل السياحي... ولم أفكر به وخاصة بعدما فقدت هاتفي وضاعت أرقامي القديمة بما فيها رقم سيمون، لكن الأحد الماضي، عندما أنهيت عزفي في كنيسة نوتردام، شعرت بأحدهم يربت على كتفي، كانت أم سيمون...
قبلتني، وقالت أين أنت يا سحر، سيمون يبحث عنك في كل مكان، قال عنده وفد يحب أن يزور سورية وأنت وعدتيه أن تذهبي معه وهو يبحث عنك...
قلت: الآن أنا مرتبطة بالعمل مع الراهبات لا أستطيع المغادرة... لكن أعطيه عناوين مختصين بالسياحة في دمشق، وهم. يساعدوه في زيارة الأماكن السياحية في سورية.
أصرت أم سيمون أن نزورها أنا وأمي، وقبلنا العزومة، وفعلاً، اُسعدت أمي بهذه الزيارة، وأسعدت أم سيمون بصداقة أمي وبعدها صارتا صديقتين حميمتين...
حاول سيمون إعادة الود بيني وبينه، لكن أنا لم أعطه ودا مشجعا لهذا الأمر لأنني كنت غارقة في المكتبة ونسيت أمر الحب والزواج...
لكن أم سيمون كانت معجبة بي، وطلبت يدي من أمي، وقالت لها سنعيش جميعا في هذا المنزل، وتنتهي وحدتنا جميعا... وسيمون يحب سحر ودائم التفكير بها...
قلت يا أمي، أنا أخذت قراري، سأتابع حياتي راهبة خادمة للرب،
لأنه الحقيقة الوحيدة في هذا العالم ...
أقيمت حفلة رسامة كبيرة في كاتدرائية نوتردام، شارك فيها الأب ميشيل ورسموني راهبة...وأسموني تريز قلب يسوع...
كامل الحلقات في مجموعة أحلام أنثى
مؤلف وكاتب الرواية عبده داود
إلى اللقاء في رواية جديدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق