بينَ زُهدِ النّاسِك و سِعَةِ عيشِ المَالِكْ
بقلم/ فؤاد زاديكى
كان النُّسّاكُ والرُّهبانُ المُتعبِّدونْ
عنْ كُلِّ مُغْرَياتِ الدّنيا يبْتَعِدونْ
وإلى البساطةِ والتّقشّف والزُّهدِ يَلجؤونْ
ومنْ أجل تطويعِ الجسد الخبزَ النّاشِفَ يأكُلونْ
يعيشون في عُزْلَةٍ مع الرّوح, فما كانُوا يَظهَرونْ
إذ هم في قلاليهم وصوامعهم في خُشوعٍ يَسْكنُونْ
بكلِّ ما يجري من أمور الدّنيا لا يَأبَهُونْ
فهم بليلِهِم ونهارِهم بكلِّ صبرٍ وجَلَدٍ يُجَاهدُونْ
فَشَتّانَ ما بينهم وبين رجالِ الدّين في هذه الأزمان, الذينَ يَتباهُونْ
وبسيّاراتهم الفارِهةِ منْ آخرِ مُوديل وطرازٍ يَتفاخَرونْ
وللصُّلبانِ الذَهبيّة الثّقيلةِ على صُدورِهمْ يُظْهِرونْ
وهي كافيةٌ لِإشباعِ عشراتِ العائلاتِ, أبناؤها جُوعًا يتضَوّرونْ
إنّهم بعقدةِ الغرورِ والتّباهي مُصابُونْ
وبِتَعالٍ وتَكَبُّرٍ على المؤمنين مُتّأمَّرونْ
على شاشاتِ التّلفزةِ ووسائلِ الإعلام يَتَهَافَتُونْ.
مِنْهُمْ مَنْ يَكيدُ المؤامراتْ ويُلْصِقُ الاتّهاماتْ
ومِنْهُمْ مَنْ يَهْتَمُّ بالمالِ وجَمْعِ الثّرَواتْ
مِنْهُمْ مَنْ يعملُ لصالحِ عشيرتِه والأقرباءِ مِنَ العائِلاتْ
ومِنْهُمْ مَنْ يَسْعَى لإرضاءِ الزّعماءِ والحكوماتْ
وهو يُنافِقُ ويعملُ بِخلافِ ما تقولُهُ الآياتْ.
لقد أصبحَ الالتزامُ بِالدّينِ شَكْلًا دونَ المَضمونْ
لهذا لمْ يَعُدِ المؤمنُ في وَضعٍ مأمونْ
لمْ يَعُدْ صالِحًا في هذه الأيّام تَوَجّهُ الرّاعِي
يُدرِكُ هذا وبوضوحٍ تامٍّ المُراقبُ الواعِي
أرى لِمَا جئتُ بهِ اليومَ أكثرَ مِنْ دَاعِ
إنْ لم أقُلْ: هناكَ جملةٌ مِنْ دَوَاعِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق