الخميس، 17 أكتوبر 2024

إنهيار بقلم مصطفى علاء بركات

إنهيار .. 

إهتز بشدة ذلك السرير الذى يصل عرضه تقريباً لمترين ، إرتعشت تلك القوائم الطويلة الرفيعة المصنوعة من الزان الطبيعى ذات اللون البنى الغامق ، إنتفض من على تلك المرتبة اللينة التى غاص فيها بصدر عارٍو بقايا ملابس سهرة سوداء ، إتسعت عيناه الحمراواتان على تلك النجفة الضخمة التى تهتز بشدة و لا ينير بها أى مصباح رغم أنه نام بالأمس و تركها مفتوحة ، قفز على الأرض بشدة ، كان الصوت يدوى مثل ألف ألف زئيراً مرتفعا ً هادر ، يهز أرجاء الغرفة الخالية ، تهشمت على الأرض تلك اللوحة الغالية المقلدة ، لا تحتوي الا على إمرأة عارية تمسك بيدها نصف تفاحة فاسدة بنية اللون 

جرى على النافذة فوق أجزاء اللوحة المهشمة ، تناثرت بعض الدماء من قدميه العمياواتان ، جذب الستائر الغالية البنية التى تمنع ضوء الشمس ، كانت الكلاب تنبح بشكل مرتفع متصاعد و عيناها مصوبة على باب الفيلا الذى يتهاوى للخلف و هى تتقدم خطوتين و تتراجع خطوة و لا تتوقف عن النباح ، و فى الركن قطة تقبض بفمها على فأر حى لا يحاول الخلاص و هى تقفز به هنا و هناك ،
و فلاح يتساقط عرقه من رأسه الأصلع الأسمر ، يدفع الباب الخشبى بساقه الرفيعة ذات الشعرات البيضاء الصلبة ، و يخرج منه صوتاً يشبه النحيب ، و هو يعتصر للخلف بيده حبل غليظ خشن ، ليحكم العقدة على مخزن البطاطس ، و إمرأة بدينة ترتدى ثياب الخدم ، تفتح ذراعيها على أقصى إتساعها و عيناها معلقتين بأطفالها الأربعة ، و وجهها ينظر للسماء و تتمتم بكلمات غير مفهومة ، حتى الأشجار القديمة تغرس جذورها فى الأرض الصلبة و تنحني للأمام مقاومة هذا التيار الهادر 

  كان الصوت يتصاعد و يدوى بشكل مطرد ، وضع يده بقوة على أذنيه ، دار للخلف و نظر إلى حاسبه المحمول الذى يعرض قناة أغانى شعبية بشكل متواصل ، و دخان يتصاعد من شىء يشبه الكوب المقلوب ، و سيل لا يتوقف من إشعارات هاتفه الأى فون ، الملقى على الأرض بجوار مفتاح سيارته موديل العام الحالى ، سقط على ركبتيه و أخفض رأسه للأمام فإنعكست صورته فى الشاشة الذكية الأربعون بوصة ، لم تسقط منه نقطة عرق واحدة ، كان وجهه شاحباً أصفر اللون ، يحيط به فراغ كبير أسود لا حدود له ...

بقلم / مصطفى علاء بركات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

أحياناً أرى العجب بقلم إسحاق قشاقش

(أحياناً أرى العجب)  من بعض نقاد الشعر والأدب أَقرأ لشعار أفكارهم كاللهب وحروفهم كتبت بماء الذهب وأتمتع بقراءتها وأمعن النظر كأنها أثمار ...