الأربعاء، 1 يناير 2025

على أطلال القرى المنسية بقلم عماد نصر

على أطلال القرى المنسية ( فلسطين )

على تلك الحقول التي سكنت الصمت
حيث كان الهواء يرقص فوق السنابل
كانت صفورية تصحو كل صباحٍ
على نبض الأرضِ ، و الندى يتوهج في خجلٍ
و عيون الصغار تسرح في أفقٍ
لم يكن يعلم أن الغدَ سيحرقه .

-----

الطنطورة تسابق الريحَ في الحقول
تشبك الأيدي مع جدرانٍ قديمة
تغزل الأحلام بخيوط شمس المغيب
ثم جاء الليلُ بثوب الغياب
ليأخذ الأرض إلى منفاهُ الأخير .
-----

في عيلبون كان العرسُ يحاكي السماء
و كانت الأغاني تعانق الزيتون
لكن الرصاصَ غيّر النغمةَ
و حوّلَ الأرضَ إلى قبرٍ ينتظر الزائرين .
-----

الدوايمة ... حيث النهرُ كان يروي
حكايات الأمهات لأطفالٍ ينمون كالحقل
أتى الجنودُ فجأةً
فسقط الحلمُ قبل أن يُغنى .
-----

قاقون كانت تتسلل في الليل
لتسافر بين النجوم
و الأرض هناك كانت تحفظ أسماء الأجيال
لكن البارودَ شقَّ الصمتَ
فهربت القرى نحو الغياب .
-----

إجزم ، كفر لام ، عين غزال
أين مضت هذه القرى ؟
من ينبت اليوم زيتونَ ذكراها ؟
في الهواء تسكن أرواحٌ
لم ترحل رغم هدير الدبابات
في الأرض تكمن بذورٌ لا تموت
تحمل ذكرى الجيل الذي عاش و مضى .
-----

مجدل كانت نجمة البحر
و الأفق كان مرفأً للأحلام
ثم جاء العابرون بالحديد و النار
فلم يبقَ من المجد إلا الحطام .
-----

بيت نبالا ، اللجون ، برير
أسماءٌ تراود ذاكرتي
كأنها تهرب من الفقد
كأنها تحيا في أغنيةٍ لم تكتمل .
-----

و على أطلال البصة و الزرنوقة
تغني الريح نشيدَ العابرين
لكن الأرضَ تردُّ في كل مرةٍ :
" أنا هنا ، و لن أموت " .
-----

هذه القرى التي نامت تحت التراب
تسكن الآن في قلب القصيدة
و تحيا في حلمِ العائدين
تحملنا إلى زمنٍ كان فيه الغدُ أفقًا مفتوحًا
قبل أن يأتي الاحتلال ليغلق كل باب .
-----

في دير ياسين
تسكن الأرواح في الساحات
كل حجرٍ هناك يحمل قصةً
كل نسمةٍ تخبر عن وجعٍ قديمٍ
و نشيدٍ لم يُغنَّ بعد .
-----

هكذا تُروى القرى
بالأسماء ، بالحجارة ، بالألم
و يبقى السؤالُ على شفاه الريح :
متى يعود الحلمُ إلى هذه الأرض ؟ .

عماد نصر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

فلكِ قصائدي بقلم علاء فتحي همام ،،

فلكِ قصائدي / أهيم تائها بخيالها   وجمالها يجول ويُصخِب يدنو نحوي يُداعبني ولعينيّا يُسامِر ويَجذِب والدموع تشكو فِراقا  فنهر العشق لا يَنض...