بقلم: فُؤاد زاديكى
الحياةُ رِحلةٌ مَليئةٌ بالتّجارِبِ و المواقِفِ، الّتي تُشَكِّلُ شَخْصِيّاتِنا و تُؤثِّرُ في مَساراتِنا. نَجِدُ أنفُسَنا أحيانًا نُواجِهُ تَحَدّياتٍ قد تَبدو أَكبَرَ مِن طاقَتِنا، و لكنَّها في الحَقيقَةِ فُرَصٌ للنُّمُوِّ و التّعلُّمِ. كما أنّنا نَمُرُّ بلَحظاتٍ سَعيدَةٍ تُضيفُ بَهجَةً لِحَياتِنا و تَمْنَحُنا شُعورًا بالِاستِقرارِ و الاطمِئْنانِ. و هُنا تَكمُنُ أَهَمِّيَّةُ الوَعْيِ بأنَّ الحياةَ لَيْسَتْ مُجرَّدَ سِلسِلَةٍ مِن الأَحداثِ، بَلْ هِيَ دُروسٌ مُستمِرَّةٌ تَتَطَلَّبُ مِنّا التَّأَمُّلَ و التَّعلُّمَ.
إِنَّ قُدْرَةَ الإِنسانِ على تَجاوُزِ المِحَنِ و الصِّعابِ تَعْتَمِدُ بِشَكلٍ كَبيرٍ على مَرونَتِهِ النَّفسيَّةِ و قُوَّتِهِ الدّاخِلِيَّةِ. فَمِن نِعَمِ الرَّبِّ عَلَيْنا نِعْمَةُ النِّسْيانِ، و لكنْ لا يَعْني ذلكَ أَنْ نَتَجاهَلَ الماضي تَمامًا أَوْ نَتَغافَلَ عنِ التَّجارِبِ الّتي مَرَرْنا بِها، بَلِ المَطلوبُ هُوَ استِخلاصُ العِبَرِ مِن تِلكَ المواقِفِ السَّلبيَّةِ، و العَمَلُ على تَخَطِّيها بِوَعْيٍ و إرادَةٍ قَوِيَّةٍ، بَدَلًا مِنَ الاستِسلامِ لَها.
التَّغَلُّبُ على الماضي لا يَعْني الهُروبَ مِنهُ، بَلْ مُواجَهَتُهُ بِشَجاعَةٍ. عَلَينا أَنْ نَتَصالَحَ مَعَ أَخطائِنا وَ نَتَعلَّمَ مِنْها، وَ أَنْ نَتَذَكَّرَ أَنَّ كُلَّ لَحْظَةٍ صَعبَةٍ مَرَرْنا بِها، كانَتْ جُزْءًا مِنْ تَشكيلِ هُويَّتِنا اليومَ. فَالحَياةُ تُقَدِّمُ دُروسَها لِلجَميعِ، وَ الفَرْقُ يَكْمُنُ في طَريقَةِ تَعامُلِنا مَعَ هَذِهِ الدُّروسِ.
لا بُدَّ أَنْ نَستَثمِرَ في أَنْفُسِنا وَ نَزرَعَ الإيجابِيَّةَ في عُقُولِنا، لِنَحْصُدَ طاقَةً تَدْفَعُنا لِلِاستِمرارِ رَغْمَ العَثَراتِ. فَالتَّفاؤُلُ وَ الإيمانُ بِأَنَّ الغَدَ يَحْمِلُ فُرَصًا أَفضَلَ هُما وُقودُ النَّجاحِ. تَذَكَّرْ دائِمًا أَنَّ المِحَنَ لَيْسَتْ إِلّا عَتَباتٍ نَحوَ الأَفضَلِ، وَ أَنَّ القُوَّةَ الحَقيقيَّةَ تَكْمُنُ في قُدرَتِكَ على الوُقوفِ مُجَدَّدًا مَهْما كانَتْ شِدَّةُ السُّقوطِ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق