.. { ابن عزيزة وعزُّوز } رواية / رضا الحسيني ( 46 )
ولمح بآخر سرير على اليمين رفيقه محفوظ الزغلولي يقرأ كتابا ويدخن سيجارته
_ مين ؟! محفوظ هنا ؟ معقول يامحفوظ ، بس إزاي
_ قدرك بقى ياصاحبي تلاقيني وراك هنا كمان
_ أهلا اهلا حمدالله عالسلامة ، احكيلي جيت إزاي ، والله مفاجأة مدهشة
_ أمي حبيبتي لقيتني بعدكم زعلان وحزين مقدرتش تتحمل زعلي وأصرت تديني فلوس وأسافر بعدكم بأسبوع
_ الله عليها ، طول عمرها بتحبك أوي ، تعالى بقى اقعد جمبي هههههه مفيش شغل خالص
لم يكن يخطر ببال محفوظ أبدا أن يقضي عيد ميلاده هذا الحادي والعشرين هنا في بغداد ، منذ أسبوع فقط كان نائما على سريره حزينا بعد سفر رفاقه ، فلا أحد يدري أين سيكون بعد دقيقة واحدة وليس بعد أسبوع ، لم يحتمل البقاء كثيرا بالفندق ، كان لابد من الخروج ليرى بغداد الذي سمع الكثير عنها وقرأ الكثير عن تاريخها وماعاشته على مر الزمان ، كم اشتاق رؤية نهري دجلة والفرات ، وجسورها العريقة وساحة التحرير الشهيرة ، وأن نسمع بالشيء غير أن نراه ونعيشه ونكون في داخله ، فهما حدثك أحد عن ملمس الحرير لن تستطيع الوصول لملمسه الحقيقي غلا حين تلمسه بالفعل يداك ، هكذا وجد محفوظ بغداد ، أجمل آلاف المرات مما سمعه وقرأه عنها ، والأجمل والاهم لم يشعر للحظة واحدة أنه خارج القاهرة ، كل شيء في بغداد قاهري المعنى والإحساس والوجود ، كثيرون جدا من المصريين قابلهم بكل مكان هنا ، شكل الشوارع والميادين والمواصلات ، حين تجول بجسر الجمهورية شعر انه على جسر أبو العلا بوسط القاهرة أو كوبري قصر النيل الشهير
فقط كانت الحرارة الشديدة ، رغم ارتفاع حرارة القاهرة إلا ان بغداد أشد حرا وسخونة ، وكأنها أرادت أن تشعر محفوظ بحرارة الاستقبال والاحتفال به في عيد ميلاده الحادي والعشرين
في شارع السعدون احتسى أول كوب شاي عراقي بالطريقة الغريبة ، فالشاي في استكانة صغيرة ( كوب صغير زجاجي ) ثم يصب قليل من الشاي في الطبق الصغير الموضوعة فيه الاستكانة ثم يرشفه ، كم تمنى لو التقط صورة لنفسه وهو يحتسي الشاي هكذا
وأدهشه الالتزام الشديد للمُشاة بقواعد المرور ، فلا يستطع إنسان النزول من فوق الرصيف قبل أن تكون إشارة عبور المشاة باللون الأخضر ، وإلا يكون مصيره الغرامة الفورية وقدرها خمسة دينارات أو الحبس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق