=======
بقلمي: سليم بابللي
من البحر الكامل
****************
الدّهرُ للسُّلطانِ حُكماً يَقلِبُ
إن سادَ بينَ الناسِ ظُلمٌ يغلِبُ
فالظّلمُ ما ملكَ الحصانةَ هالكٌ
و الطيبُ طَلٌّ للنضارةِ يجلبُ
أيّانما عَرجَ الزمانُ بملّةٍ
تزهو إلى أن سوء عدلٍ يسلبُ
و الملكُ ظلّ العدلِ ما بلغَ المدى
و الشمسُ دوماً للحقيقةِ تطلُبُ
الطفحُ في جورِِ الطغاةِ رعونَةً
تُنمي لأنّاتِ الضحايا مِخلبُ
و النصرُ مِن قلبِ الجراحِ مِدادُه
بعضُ المواجِعِ للبلاسِمِ تُنجِبُ
صَبْرُ الزمانِِ على الغَرورِ تَرَبُّصاً
عَلّ القساوةُ للفطاحِلِ تُلهِبُ
في ذاتِ يومٍ مُقمِرٍ بربيعِها
الطيبُ يبقى و الخبائثُ تذهبُ
خمسونَ دهراً و الحناجِرُ تشتكي
و الحقّ في رحم الأماني يُصلبُ
حتى بدا للصوتِ في رجعِ الصّدى
سوطاً على عُنُقِ التَّكبرِ يضربُ
العينُ تُبصِرُ و الكفوفُ أسيرةٌ
و الذئبُ في نُسُغِ البراعِمِ ينهبُ
شعبٌ تُمَدُّ إلى العطاءِ جذوره
يفنى الجميعُ و فيضُهُ لا ينضبُ
شلالُ شعبٍ فوقَ جُثّةِ خوفهِ
من مثلُ هذا السيلِ لمّا يغضبُ
في وجهِ أشباحٍ تعيشُ لِباطلٍ
مغرورةً ليل التخاذُلِ تحطبُ
في وجهِ طغيانٍ يُبَدِّلُ وجهَهُ
بينَ الحقيقةِ و الخديعةِ يلعبُ
مَن مِثلَ شعبٍ للقيامةِ ثائراً
الجرحُ يصرُخُ و الجوارحُ تطربُ
فَرَضَ الخلودَ على الزّمانِ سَجِيّةً
و الخُلدُ في سهلِ المُنى لا يُكتبُ
للناسِ فيمن يصحبون هويَّةً
فاختر لِنفسكَ من تَرُدُّ و تَصحَبُ
و اتْبَعْ ضميرَكَ في القرارِ و لا تسل
فالناسُ من عينِ المصالحِ تعتبُ
إن مَرَّ حقدٌ في الخُصوبَةِ بيدراً
الحَبُّ مِن بينِ الأصابِعِ يهرُبُ
يبني التآلُفُ للدّيارِ بُروجَها
و الدارُ في وسَطِ التافُرِ تَخرَبُ
إن الصّحارى في التّآخي جنةٌ
و ترى الجنائنَ دونَ وُدٍّ تجدبُ
لا يستوي من في الضلالةِ غارقاً
أدراجَ مَن نُهَلِ الهدايةِ يشربُ
ليست إلى الأسماءِ نِسبةُ أصلِها
إنّ الرّجولةَ للمواقِفِ تُنسَبُ
بينَ الشجاعةِ و التّهوّرِ فارقٌ
و الفوزُ دوماً للبسالةِ يعقبُ
إن غابَ عن رُبّانِها وعيُ الرُّؤى
بجهودهِ نحو المهالكِ يذهبُ
رُتَبُ المعالي بالكفاحِ نوالُها
و المجدُ بالصبرِ الرشيدِ يُخَضَّبُ
إنْ لم تُرَوّض في الحياةِ صِعابُها
سهلَ الأمورِ على الغَطارفِ تصعُبُ
و الدأبُ في الدَّربِ الصحيحِ بِهِمّةٍ
يُعطي العزومَ بِكَدّهِ ما يرغَبُ
بعضُ الليونةِ للرياحِ مهارةٌ
ما طابَ في نهج التعنُّتِ مأرَبُ
لو فَتّحت عينُ الكرومِ عيونَها
ما نال من بعض المرادِ الثعلبُ
سليم عبدالله بابللي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق