الأربعاء، 17 ديسمبر 2025

زواج القاصرات «[4]» بقلم علوي القاضي

«[4]» زواج القاصرات «[4]»
تعليق وتحقيق : د/علوي القاضي .
... وصلا بما سبق ، وبعد تفضيل (روخماباي) السجن على العودة لزوجها ، فقد علق الباحث (ماكس مولر) على ذلك ، وقال أن مستوى تعليم (روخماباي) جعلها أفضل من يحدد مصيرها ، ولا تنتظر أحدا ليدافع عنها 
... ولم تكتفي بذلك بل كتبت مقالات تحت إسم (سيدة هندوسية) في صحيفة (The Times of India) ، ونشرتها ضد زواج القاصرات ، ووصفت القاصرات اللاتي أجبرن على أن يصبحن أمهات ، بأنهن أحلام مدمرة ، وإمكاناتهن مخنوقة ، وطفولتهن أُخٍذت منهن بعيدا 
... حتى وصلت كلماتها إلى الملكة فيكتوريا ، وكتبت (روخماباي) إليها مباشرةً 
(أن زواج القاصرات لن يكون ملزمًا قانونًا) ، وكتبت أيضا ، (يجب أن تترك سنة اليوبيل هذه بعض التغيير فينا نحن النساء الهندوسيات ، وسيكون هناك من يشعر بالإمتنان أكثر) 
... بدأت الحكومة البريطانية المفاوضات ، بسبب الإهتمام الدولي بهذه القضية ، وكذلك ترددها في تنفيذ حكم سجن إمرأة لرفضها الزواج القسري ، ولهذا تم التوصل إلى إتفاق ، بأن يقبل الزوج (داداجي) (2000) روبية ويفسخ الزواج ويتنازل عن جميع المطالب
... وتم إطلاق سراح (روخماباي) ، لكنه كان مجرد بداية ، وبدعم من الطبيبة البريطانية (إديث بيشي) ، سافرت (روخماباي) إلى إنجلترا لدراسة الطب ، لتصبح واحدة من أوائل الهنديات في مهنة الطب ، وبعد تخرجها تزوجت (روخماباي) من الدكتور (ساخارام أرجون)  
... وعادت إلى الهند ، وعلى مدى خمسة وثلاثين عامًا ، عملت الدكتورة (روخماباي راوت) كرئيسة قسم في مستشفيات النساء في (سورات وراجكوت) 
... واستمرت في النضال من أجل حقوق القاصرات ، ونشرت مقالات ضد البردة (العزل القسري للنساء) ، وألقت في ذلك محاضرات ، وتبرعت بمنزلها لتعزيز تعليم الفتيات
... كان لـ (روخماباي) الفضل في تحرير القاصرات في الهند من الزواج القسري ، فالمعركة القانونية التي خاضتها في شبابها كان لها تداعيات غيرت حياة الملايين منهن
... لذلك أقرت الحكومة البريطانية سن قانون الموافقة ، الذي رفع الحد الأدنى لسن زواج الفتيات وكان هذا أول إصلاح في القانون يمنع زواج القاصرات ، لأن رفض (روخماباي) العلني للزواج كان سببا في تقديم موضوع (زواج القاصرات) إلى نقاش وطني لأول مرة ، لدرجة أن أجبرت الهند وبريطانيا على النظر بشكل مباشر إلى ممارسة كانت غير مرئية رغم أنها كانت شائعة جدًا ، والقاصرة إذا قالت (لا) يمكن أن تهز إمبراطورية
... توفيت (روخماباي) عن تسعين عاما ، لكن إرثها الحقيقي يدخل المدارس كل يوم ، وهو تمكن كل فتاة هندية من التعليم قبل زواجهن ، وكان ذلك خطوة مهمة في حركة الإصلاح الإجتماعي
... لذلك يجب على كل فتاة أن تختار مستقبلها ، وتعي تماما أن الفتيات لسن ملكية ، وأن النساء لديهن سلطة على حياتهن ، فقد قالت (روخماباي) للقاضي ، (أفضل السجن بدلاً من الخضوع) ، لأن أقوى شيء هو الرفض ، رفض الخضوع ، رفض الصمت ، ورفض الظلم حتى لو كان تقليدي
... فـ (صوت يرفض الصمت) ، يمكن أن يتردد صداه لأجيال عديدة 
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

مرافئ الذكريات بقلم أسماء جمعة الطائي

مرافئ الذكريات  ***************** ما زلت أبحث عنك في طيات الوداع   وفي همسات عام الغياب  ستعلمك الأيام من أنا …. أنا التي طوت حزنها وبنت فوق...