الأربعاء، 29 يونيو 2022

عصر السرعة والصرعة بقلم احمد المثاني

 عصر السرعة و " الصرعة !


    .. في وقت مضى ، من سبعينيات القرن الماضي و كنت في تلك الفترة قد أكملت الدراسة الثانوية و ولجت إلى الجامعة ..كنت استمع و أردد أننا في عصر السرعة ..لأن المجتمع الإنساني طور من وسائل مواصلاته و اتصالاته

عمّا كانت من قبل .. و لو قارنا تلك السرعة بما هي عليه اليوم لوجدناها متواضعة ..من سرعة السلحفاة لسرعة الأرنب !!

في حين أننا اليوم نرى بأم أعيننا و نسمع لا بل نعيش حياة

متسارعة بشكل لا يصدق ! فالقطارات التي كانت تسير بسرعة 200 كم / الساعة ها هي اليوم تسابق على الأرض الطائرات بسرعتها .. و اليابانيون هم أعلم بذلك !!

    في عام 1971 ألّف الكاتب الڤين توفلر كتابه " صدمة المستقبل " ذكر فيه التغيّرات التي طرأت و تطرأ على نمط عيشنا في مجتمعاتنا الإنسانية ..رغم أنه لم يرَ أيّ مدى وصلت تلك المتغيرات في عالمنا المعاصر ..فالكمبيوتر الذي كان ببداياته أصبح اليوم في عالم الحسابات و الروبوتات و وسائل الاتصال و عالم الإلكترونيات شيئا مذهلا ..و أظن أنني لست بحاجة لمزيد بيان أو شرح ..فحتى هذا الهاتف الذي نحمله في يدنا ..عالم من التكنولوجيا ..


    ما يعني في هذا المقام ، هو #السرعة كظاهرة في حياتنا المعاصرة .. سواء في ايقاع الحياة اليومية ..أو في مراحل التغيير و الاكتشافات ..و العالم الافتراضي و الحلم بغزو الفضاء أبعد من زيارة جارنا القريب .. القمر . فالحلم اليوم

العيش على المريخ ..!

من مظاهر حياتنا الاجتماعية ..سرعة التغيير و التبديل ..

فنحن نبني علاقات بسرعة و نهدمها بسرعة 

نحب بسرعة و ننسحب بسرعة ..

نقتني الأشياء بسرعة .. و نستبدلها بسرعة… 

نأكل بسرعة ..نلبس بسرعة .. نقرأ بسرعة ..

نعشق بسرعة و نملّ بسرعة ..

و لذا ، تأملوا كم مرة نستبدل صديقا بصديق و سيارة بسيارة و هاتفا بهاتف . . و أثاثا بأثاث .. كم مرة غيرنا غرف الضيوف و ستائر المنزل .. 

قد يقول قائل التغيير من سنّة الحياة ..و هو دليل رفاه و ارتقاء بنمط العيش ..و لكن ، خلف هذه الظواهر المادية قلق و ملل من الأشياء و من الصداقة ..و خلفها افتتان و تقليد

و ربما خواء روحي .. و تقليد و مباهاة ..!!

لنتذكر حياة عاشها آباؤنا و أجدادنا .. و أنا أتكلم عن الراحة النفسية و روح الصفاء و سعة الصدر و القناعة ..نعم ، القناعة بما بين أيديهم و المحافظة على إدامة الأصدقاء ..و إدامة المقتنيات . . فالسيارة تبقى لسنوات مهما تواضعت و الفراش و الأثاث يتم العناية به و تجديده ..أما اليوم . فنحن بنزعة استهلاكية ساهم فيها الإعلام و الثقافة الوافدة ..أصبحنا نضيق بكل شيء .. و نسعى لتبديله و تغييره ..

اسألوا انفسكم كم هاتفا بدّلتم أو بدّل أبناؤكم !!

و كم استبدل الكثيرون منا الأدوات و المقتنيات الشخصية

و حتى هذه الموضات تتبدّل بسرعة ..فمن لباس ضيق إلى لباس واسع ..إلى لباس أنيق ..إلى لباس ممزق .. كأنما نهشته الضواري ..فبانت الركب ..في زمن كنا نخجل من رقعة صغيرة في بنطال أحدنا ..!!


    أيها السادة ..أصبحنا ننام بمشاعر و نصحو بمشاعر أخرى

يتم الزواج على أساس الحب ..و بعد أسابيع يتم الطلاق !!

فإلى أين نحن نسير ..؟؟؟!!! فهل نحن في عصر السرعة

أم في عصر " الصرعة !


                          احمد المثاني 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

كان سرابا بقلم أحلام العفيف

"كان سرابا" ما ضلّ الهوى يوما وما كذب  إنّ المحبّ لا يسلو وإن غاب  هي أقدارنا كُتبت علينا  لقاء دون تخطيط  وفراق دون إرادة أو ارتق...