الأربعاء، 31 يناير 2024

جالس من تجانس بقلم علوى القاضى

**من ثقافة المجالس (جالس من تجانس)**
بقلمى : د/علوى القاضى.
... يقول أهل التصوف : ( إذا إستحكمت المرافقة تعذرت المفارقة ) ، ويقولون : ( جالِسْ من تُجانِس ) 
... ولذا يقول ابن عطاء : ( لاتصحب من لاينهضك حاله ، ولايدلّك على الله مقاله )
... ويقول : ( إعلم أن المجانسة تكون بالمجالسة ، فإن جالست المسرور سررت ، وإنْ رافقتَ الغافلين غفلت ، وإن جلستَ مع الذاكرين لله ذكرتَ ، فتبصَّرْ أمرَك وتدبرْ حالَ صحبك )
... وفي نفس المعنى يقول أبو مدين الغوث : مالذة العيش إلاصحبة الفقرا ** هم السلاطين والسادات والأمرا
... ولقد نظم الشاعر ( أبوإسحاق الغزي ) بيتاً من الشعر جاء بشكل سؤال وهو : 
... مالي أرى الشمع يبكي في مواقده ** من حرقة النار أم من فرقة العسلِ 
... ولم يستطع الإجابة أحد ، فأعلنت إحدى الصحف عن جائزة لمن يستطيع الإجابة على هذا السؤال ، فأجاب بعض الشعراء بأن السبب هو حرقة النار ، وأجاب الآخرون بأن السبب هو فرقة العسل ، ولكن أحداً لم يحصل على الجائزة
... بلغ هذا الخبر الشاعر ( صالح طه ) فقال : 
... من لم تجانسْه فاحذر أن تجالسَه ** ماضر بالشمع إلاصحبة الفتلِ !
... نعم إنه لم يضر بالشمع إلا صحبة الفتل ، لأنه ليس من جنسه مما جعل للنار عليه سبيلا ، نعم إنَّ سبب بكاء الشمع وجود شيء في الشمع ليس من جنسه ، وهو الفتيلة التي ستحترق وتحرقه معها
... وهكذا يجب علينا انتقاء من نجالسه ويناسبنا من البشر ، حتى لانحترق بسببهم ونبكي يوم لاينـفع البكاء
... قال الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " ما أعطي العبد بعد الإسلام نعمة ، خيراً من أخ صالح ، فإذا وجد أحدكم وداً من أخيه فليتمسك به " ، فاحذر الصحبة المرافقة لهواك والمفارقة لمراد مولاك ، فهي السبيل إلى نار الهوان وحرقة الفُرقة !
... وللمجالس ٱداب وأخلاق كما علمنا الإسلام : فلاتدخل المجالس عابس الوجه ، ولاتدخل وبيدك سيجاره ، وارفع صوتك قليلاً بالسلام وابدا من اليمين ، وعند السلام يجب أن تكون قبضتك قويه فهذا يدل على الرجولة ولاتسحب يدك بسرعة فهذا يدل على نقص المروءة ، واختر مكانك بحيث لاتتجاوز من هو أكبر منك سناً ويستثنى من ذلك صاحب المجلس فأنه معزب والمعزب مرحب لكل قادم ، ويجب تقديم القهوة باليد اليمنى وأخذها باليد اليمنى وهز الفنجان يعني الإكتفاء ، ولاتتكلم بمحضر أبيك إلابالضرورة وبعد الإستئذان ، واجعل الخبز آخر شيء تقدمه لأنه يعني إكتمال المائدة ، ولاتكسر المخدة ولاتتثاءب بوجة الضيف فهذا يعني أنك ترغب برحيله عنك ، ولاتنتقد الطعام أوالشراب فهذا يعني إهانة صاحب الدار ، وإذا قُدم لك الملح فعليك الأخذ منه ولوبالشيء القليل فإنه يدل على تقوية العلاقة بين الطرفين ، وابتسم فإنها تدل على القوة ، واحترم ضيفك وأمنه حتى لوكان قاتل أبيك ، وقم بالتحدث مع الجميع حتى لوكان بينكم خلاف أو إختلاف ، ولاتجيب قبل أن يوجه لك السؤال ، واحترم آراء الآخرين وشاورهم ، ولاتهتم بكلام الحمقى ولاتغضب من ليس عنده شي من المروءة
... اللهم اهدنا واهد بنا
... تحياتى ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

ربُّ الفقراء بقلم فراس ريسان سلمان العلي

ربُّ الفقراء ***********              مرَّ زمانٌ شحَّ به القوتُ والسلامُ                             وقلّ بهِ الأمان وكثرَّ الأجرامُ   ...