كانت دموعها تنحدر على وجنتيها كأنها شلال مياه لا يعرف التوقف ، بدت جد حزينة ، متألمة وجدا ، هي فتاة في مقتبل العمر لما من الجمال ما جلب لها الكثير من أصحاب النفوس المريضة ، ولها من نبل الأخلاق والأدب والإحترام ما يجعلها تقاوم هؤلاء لآخر نفس فيها . ولكن يشاء القدر أن تقع فريسة وحش آدمي جعلها تكره كل شيء من حولها ، تكره ذلك الأب الذي دفع بها إلى هذا الوضع المزري ، تكره تلك الأم التي عاشت وماتت خاضعة ومستسلمة و مؤيدة لكل ما يطلبه وما يأمر به زوجها ، تطيعه طاعة عمياء ولا تعرف تعصي له أمرا ، كرهت اليوم الذي دخلت فيه ذلك المتجر عاملة ترتب الملابس وتنقل الصناديق وتمسح الأرضية، عاملة تقوم بكل أنواع العمل التي يطلبها مؤجرها ، تجهز لن الشاي والقهوة، تجلب له طعامه من السوق وأحيانا من البيت ، يعني لا رأفة ولا رحمة . ومرت الأيام وهي على تلك الحال. إلى أن طلب منها ذلك المؤجر أن تأتي يوم عطلتها لتساعد زوجته للقيام ببعض التحضيرات قبل حلول شهر رمضان ، وهنا لم تستطع رفض طلبه خاصة أنه لا يبخل عليها بالعطاء حين تؤدي له خدمة خارج إطار عملها المتفق عليه ، ذهبت في ذلك اليوم وليتها ما ذهبت ، ساعدني الزوجة في كل التحضيرات ونظفت معها البيت وقبل توديعها طلبت من أخ لها أن يوصلها لمحطة الحافلة فالوقت تأخر والليل أسدل ستائره على نهار طويل وشاق لم يتردد لحظة بل حمل عنها ما وهبتها زوجة مؤجرها من عطايا وانطلق معها ولكن الشيطان لبسه وتمكن من إغرائه ، فجعلها تسلك طريقا آخر غير الذي تعرفه ومن هناك أدخلها مبنى مهجورة وكانت الكارثة ... لم تستطع مقاومة ذلك الوحش ولم تستطع حتى البكاء والعويل ولم تعرف كيف تعود وإلى أين تذهب ، قضت لبلتها تندب حظها في ذلك المكان ،وفي الصباح عادت تجر أذيال الخيبة والعار. لم تستطع أن تخبر والدها ولا سند لها سواه ولكن هذا السند هو الذي قصم ظهرها ورماها لذلك الذئب ينهش لحمها ، ألقى بها للجحيم ، حتى يلبي رغباته من خمر ومجون ، اغتسلت وغيرت ملابسها والتحقت بعملها وكأن شيئا لم يكن ، قررت أن تخفي سرها داخلها وأن تنسى ما حدث ...
مرت الأيام وبدأت تشعر بشيء غريب قد اعتراها وغير كل شيء فيها وهنا شعرت بثقل الكارثة وقررت الهروب من البيت والابتعاد عن البلد
رحلت وعملت معينة بمطعم وأقامت عند صاحبته التي وجدتها بالشاطيء تحاول الغرق
ذكرتها بأن الله لا يضيع عباده ولا لن يخذلهم وأخذتها بحضنها وآوتها وأحبت رضيعها الذي وضعته وبعد ذلك زوجتها من أحد العمال عندها الذي ربته كإبن لها .
قالت كلماتها تلك و بكت بعد سماع خبر وفاة والدها الذي وجد مقتولا بإحدى الحانات .
رفيعة الخزناجي/ تونس
#هلوساتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق