دراسة وتحليل : د/علوي القاضي.
... لاشك أن (الشهرة) بحد ذاتها شيء محبب للنفس البشرية (فطرة) ، وبالتالي تحول هوس الشهرة إلى مشهد ممل ، يتكرر أمامنا كل يوم في الفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعي حتى أفرز لنا جيلاً مهووساً بالظهور والأضواء والفلاشات حتى لو على حساب القيم والمبادئ الأخلاقية ، ومن هنا أستكمل معكم دراستي وتحليلي لهذا الموضوع للتعرف أكثر على هذا المرض وسبل العلاج منه ، إنّ الإصابة بأمراض حب الشهرة والظهور وتقليد المشاهير وإتباع فئة بعينها دون غيرها من شرائح المجتمعات ، خاصة لاعبي الكرة بين الشباب ، وكذلك الفنانات وعارضات الأزياء بين صفوف النساء ، هو من الأمراض الإجتماعية الخطيرة المؤثرة على إستقرار المجتمعات العربية ، وقد تحولت عيادات التجميل إلى خير دليل على هذا الأمر ، حيث بات التقليد أمراً ضرورياً للنساء ، ولا يُستغنى عنه في الحياة ليس فقط للمشهورات والفنانات منهن بل وشمل عامة النساء ، إنّ حب الشهرة يعتبر بحسب علماء النفس داءٌ يفتك بأصحابه قبل أن يفتك بغيرهم ، لكونه ينطلق من مبدأ حب وتقديس الذات (الأنا العليا) ، وتقديم كل ماقد يعتبره جيد بالنسبة له ، دون التفكير بشخص آخر أو متطلبات أخرى ، ماقد يؤدي إلى خسارة الكثير من الحياة من الناحيتين الإجتماعية والإقتصادية ، ولاشك أن كثرة مواقع التواصل الإجتماعي وسهولة إيصال أي فكرة يريدها الفرد بأسرع وقت ممكن زادت من هوس الشهرة ، ومن إمكانية الوقوع فيه في أي ظرف ، لاسيما وأن أي مقطع فيديو قد ينشر يمكن أن يتم التداول به بسرعة قياسية لأكبر عدد ممكن من الأشخاص ، ومشاركته مع عدد كبير من المتابعين ، مايفتح آفاق الشهرة على مصراعيها
... وبلغ الأمر عند المشاهير أن تمكنت منهم الغيرة على إستمرار شهرتهم حتى من أقرب الناس إليهم ، وتمكن منهم المرض بهوس الشهرة لدرجة التخلص من منافسيهم ، ومن الأمثلة الشهيرة في مجال الفن ومرض وهم الشهرة وسلبياته ، المطربة (أنغام) منعت أختها (غنوة) من الظهور في مجال الفن وأول ماقررت (غنوة) كسر حصار أنغام عليها سنين طويلة (ومنعت المنتجين والمخرجين والملحنين من التعامل معها) ، أول ماغنوة بدأت تغني وتمضي عقود تمثيل وغناء عملت حادثة غريبة بعربيتها ، وقيل أيامها بأن السبب (الفرامل) ، و (منة شلبي) اللي تقريبا حابسة مامتها ومنعاها تتكلم مع أحد ولاتظهر في الإعلام لغرض ما
... فنانين كثير بيعانوا من مضاعفات وهم مرض الشهرة وأصبحوا سيكوباتيين (شيزوفرينيا) وأكبر دليل ، التناقض في سلوك (معتز مسعود) رغم أنه متصدر الدعوة ولكنه مصر علي الزواج من الشهيرات وبالذات الغير محجبات (وهذا يخالف دعوته) وكثير من المواقف والقصص التي تجعلنا نسيء الفهم به ، ولانثق فيه كداعية ، وأتعجب من كثير من المنشورات والتعليقات التي تتناول الأمر بشييء من الإستغراب أو السخرية أو النقد ، أحدهم يقول (كل شخص حر في حياته الشخصية) ، وٱخر يقول (هو ماعملش حاجة تخالف الشرع وربنا وحده أعلم بالنيات)
... وأحيانا يصبح مرض وهم الشهرة عضالا ويصعب علاجه ، ويتجلى ذلك في موقف (عمرو دياب) رغم أنه نجم كبير سنا وخبرة ، لكن أحيانا يغلب عليه سلوك وطريقة غير آدمية ، وظهر ذلك مع الشاب (صاحب الصورة السلفي) ، في الحقيقة رد فعله كان قوى وشاذ وغير منطقي ، وتناسى أن حب الناس نعمة كبيرة (وصفعة هذا الشاب على وجهه كانت مؤلمة له ولجمهوره ومحبيه) ولذلك تعاطف معه الجمهور وهذا قلل أسهم عمرو عند جمهوره
... والمدعو (محمد رمضان) ، مابين صفعة عمرو دياب على وجه الشاب ، وبين صفعة محمد رمضان ، على وجه شاب ٱخر أراد أيضا أن يلتقط معه سيلفى ، ومازاد غضب الجمهور والمحبين للفنانين ماحدث من تعدي ل (محمد فؤاد) على طبيب المستشفى ، بجانب واقعة لاعب الكرة (أحمد فتوح) الذي قتل رجلا بسبب تهوره وتعاطي المخدرات أثناء القيادة ، وغيرها من التجاوزات لعدد كبير من المشاهير ، هناك سؤال يفرض نفسه ، هل الشهرة والنجومية ، سيف يُسلط على رقاب العباد ؟! ، أيها النجم ليس كونك نجما مشهوراً ، أن تمنح نفسك حصانة خاصة تضرب وتعتدى وتشتم وتهين وتقتل كل من يرفض الإنصياع لأوامرك ، أو يرفض لك طلباً ، أو يعترض على سلوك غير لائق يصدر منك ! ، فالنجومية والشهرة إلتزام وإحترام وقدوة ، ويجب أن يتحلى النجم بكل القيم والفضائل ! وهيهات هيهات ، لأنه للأسف مستوى التعليم والثقافة والقيم لنجوم هذا العصر ، منخفض للغاية ، ويكاد يتلاشى ! وللأمانة أنا لم يعجبني سلوك الشاب الذي صفع على وجهه ، لأنه لم يحترم نفسه من البداية فالإنسان لابد وأن يعتز بنفسه وكرامته أكثر من ذلك ، لكن الجرى وراء النجوم والمشاهير بهذه الطريقة المخزية فى الأفراح والجنازات كثر جدا وأصبح عملا مشينا وماسخ وكله قلة قيمة وإهانة ومهانة ، وتتوالى تداعيات الموضوع ، لنجد هذا الشاب يظهر في قنوات عدة ليحكي ، ويعيش المجتمع فى فيلم هابط ، ولكن السؤال هنا ، لو كان هذا الشاب من دولة عربية هل كان سيحدث ذلك ؟! ، وأنت أيها القارئ لو فعلها معك هل كنت سترد الصفعه ؟! ، هذا يحدث وللأسف تهبط أسهمنا الأخلاقية يوميا لأسفل وبسرعة وبقوة ، برداءة أخلاقنا وسلوكنا المنحط بحجة الشهرة والنجومية ، أيها النجوم والمشاهير وأيها الجمهور إرتقوا فالقاع مزدحم جدا !!
... ومن مضاعفات مرض وهم الشهرة (الإدمان) على المخدرات ، الذي أصبح سلوكا عواقبه وخيمة ، كم قضى على كثير من المشاهير وأصحاب الثراء وإنتهى بهم الأمر إما الجنون أو السجن أو الموت
... ومن مساوئ وجود المشاهير بدون تقويم وضوابط في سلوكهم ، نلاحظ أن هناك قيم وعادات وتقاليد أخلاقية كثيرة بدأت تختفي من مجتمعاتنا العربية ، لدرجة أن الأجيال الجديدة تخبطت وأصبحت تائهة بين الصواب والخطأ ، لعدم وجود معايير أخلاقية للسلوك والفكر ، وهذا سببه الكثير من النجوم والمشاهير الذين لاهم لهم إلا الترندات وتسليط الأضواء عليهم فقط
... فياأيها النجوم والمشاهير حافظوا علي عاداتنا وقيمنا الجميلة وكونوا قدوة ، وراعوا أولادنا وأولادكم ، أنتم القدوة لجيل المستقبل ، كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ، لأنكم بأفعالكم المشينة هذه أدخلتم الآباء في مهمة أصعب في تربية أبنائهم ، وهذا بسبب ، مايشاهدونه منكم من سوء سلوك ، فهناك الكثير من الٱباء لايستطيعون تعديل سلوك أبنائهم لقوة تأثيركم عليهم وقلة ثقافتهم أوإنشغالهم بالحياة والسعي عليهم ، لذا لابد وأن يحرص كل مسؤول وكل عاقل ورشيد وكل إعلامي أن يساعد مجتمعه في تربية النشئ لأنه قدوة وراعٍ
... وياأيها الممثلون ! ، وياأيها الإعلاميون ، وياأيها المعلمون ، وياأيها الشيوخ ، وياأيها المسؤلون ، وياأيها الآباء راعوا النشأ فهم قادة الغد ، كونوا قدوة للأجيال ، وغدا سيفخر بك حفيدك لأنك كنت راية لكل زمان وفي كل مكان
... وإلى لقاء في الجزء الرابع إن قدر لنا ذلك وقدرت لنا الحياة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق