الأربعاء، 19 مارس 2025

نفحات وتجليات رمضانية بقلم علوي القاضي

«(١٨)» نفحات وتجليات رمضانية «(١٨)»
      ★ (دروس من سورة البقرة) ★
            ★ د/علوي القاضي ★
... من خلال تلاوتي لسورة (البقرة) وتدبري لمعانيها ، خرجت بمعاني ودروس أعتبرتها منهجا للبشرية 
... فالقصة الأشهر التي وردت فيها ، قصة (بقرة بني إسرائيل) ، والتي سميت السورة بإسمها ، وإكتشفت أن هناك تناغم وتكامل في المعني وعلاقة وطيدة بين مواضيع السورة بعضها البعض ، رغم إختلافها الظاهري
... سورة (البقرة) من أطول السور القرآنية ، فهي تحتوي على (286) آية ، ظاهريا تعتقد أن ٱياتها غير مترابطة ، لأن الموضوع يتغير بسرعة ، وكثرة وتنوع أحكامها ، رغم أن كل كلمة فى القرآن لها حكمة وترابط مع غيرها ، وحاشا لله أن يكون كلامه بلا فائدة 
... وقصة (بقرة بني إسرائيل) تتلخص في أن أحدهم قتل ٱخر والقاتل لم يكن معروفا ، فذهبوا لسيدنا موسى وسألوه عن القاتل ، فأمر الله سبحانه سيدنا موسى بذبح بقرة صفراء فاقع لونها لاذلول ، فاعتقدوا أنه يهزأ بهم وقالوا ، (أتتخذنا هزوا) ! ، وظلوا يماطلوه كعادتهم ، وبعد مناقشات مضنية ذبحوا البقرة ، ثم أمرهم الله أن يضربوا الشخص المقتول ببعضها ، فأحيا الله سبحانه القتيل ، ونطق وأخبر عن القاتل ، (فقلنا إضربوه ببعضها كذلك يحي الله الموتى ويريكم ٱياته)
... ثم جاءت الٱيات بعد ذلك لتتناول موضوعات وأحكام شتى في جزءين :
... (الجزء الأول) عبارة عن (3) قصص ل (3) خلفاء في الأرض : 
★ (الخليفة الأول) هو آدم عليه السلام (إنى جاعل فى الأرض خليفة) ، في الجنة نهى الله سبحانه ٱدم عن الشجرة فلما عصاه وأكل منها (وعصى آدم ربه فغوى) ، ثم علمه كلمات فتاب عليها ، ثم جعله خليفة له في الأرض   
★ (الخليفة التانى) بنى اسرائيل (ولقد إخترناهم على علم على العالمين) ، الله سبحانه كلفهم بتكاليف ، ولكنهم لم يتركوا معصية فى حق الله إلا وفعلوها
★ (الخليفة الثالث) سيدنا إبراهيم عليه السلام (إنى جاعلك للناس إماما) فأطاع الله تمام الطاعة 
... (الجزء التانى) من سورة البقره كله أحكام متنوعة :
★ أحكام في الصيام ، والقصاص ، والأسرة ، وتحريم الربا ، وأحكام في الدين ، والإنفاق 
★ وقد لاحظت أن الله سبحانه وتعالى حينما سرد القصص ، ثم الأحكام يريد أن يقول لنا ، هل سنسمعها وننفذها ، أم سنسمع ولاننفذ ، أم لانسمع ولاننفذ ، بمعنى مع من سنكون من الثلاثة (ٱدم أم بني إسرائيل أم إبراهيم) ، أي مثل آدم (نطيع ونعصي) ، أم مثل بنى اسرائيل (قالوا سمعنا وعصينا) ، أم مثل إبراهيم نطيع الله على الفور 
... ولذلك كان (الجزء الأول) يشمل قصة الخلفاء الثلاثة مع إختلاف إستجاباتهم ، ثم (الجزء الثانى) بالأحكام والتشريعات ليختبرنا 
... وفي ختام السورة قوله تعالي (لله مافى السموات ومافى الأرض وإن تبدوا مافى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله)
★ فلما سمع الصحابة هذه الٱيات ذهبوا للنبى صل الله عليه وسلم وبكوا وقالوا : يارسول الله أمرنا بالصلاة والصيام والزكاة فصبرنا وإمتثلنا لأننا كلفنا بما نطيق ، ولكن هذا تكليف بما لانطيق 
★ فقال النبى صل الله عليه وسلم لاتكونوا كـ (بنى إسرائيل) مع موسى قالوا (سمعنا وعصينا) ولكن قولوا (سمعنا وأطعنا) 
★ فلما الصحابة قالوها وأكثروا منها مدحهم الله بقوله تعالى (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون) ، (وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) 
★ ونزل التخفيف من الله عنهم بقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت)
★ وكان الختام بدعاء الصحابة لله بقولهم (ربنا لاتؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) ، أي لاتعاملنا ياربنا مثل (آدم) لو تصرفنا مثله ونسينا التكليف أو أخطأنا وتطردنا من جنتك ، (ربنا ولاتحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا) ، أي لا تعاملنا ياربنا مثل (بنى إسرائيل) ، و (الإصر) هو الشىء الثقيل على النفس لأن رب العزة قال لهم ، (فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم)
... وفي ختام الدعاء (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)
... وكل عام وحضراتكم بخير
... تحياتي ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

متتالية احتواء الروح بقلم محمد أگرجوط

- متتالية احتواء الروح- في سكون العتمة تتشظى نيازك حارقة عويل الذات عويل الذات  يطارد أشباح الدياجير بحثا عن هوية بحثا عن هوية  يسائل انفراط...