نحن نعيش زمن "الصورة الخاطفة"، حيث تُختزل التجربة الإنسانية في ثوانٍ معدودة. لقد غدت "الريلز" سلطةً بصرية تُبهر العيون لكنها تُعطّل العقول؛ تقدم لنا قشرةً برّاقة من الواقع بينما تُفرغ الأشياء من جوهرها.
في هذا الزحام، تُغتال اللغة تهميشاً؛ فالكلمة التي تتطلب تدبّراً، لا تجد مكاناً في سباق اللهاث. وحين تصبح الصورة بلا لغةٍ ناقدة، نتحول من "الوعي" إلى "الدهشة اللحظية"، ومن "الحقيقة" إلى "ريالتي" مصنَّعة تُقاس بالانتشار لا بالصدق.
إنّ خطورة المشهد تكمن في الهشاشة المعرفية؛ فالصورة تثير الحواس، لكن اللغة هي التي تصنع المعنى. وفي سياقنا العربي، فإنّ جرحاً يُروى بلا لغةٍ دقيقة يظل مشهداً عابراً يُنسى، فالصورة تريك الألم، لكن اللغة وحدها هي التي تحفظ التاريخ والسياق.
الخلاصة: إنّ ضياع الكلمة ليس أزمة أسلوب، بل أزمة هوية. ففي عالمٍ يفيض بالصور ويشحُّ فيه المعنى، تظل اللغة هي الملاذ الأخير لنفهم واقعنا ونسمّي الأشياء بأسمائها.
#بقلم ناصر إبراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق