الثلاثاء، 31 ديسمبر 2024

حقيقةُ حلمٍ بقلم فؤاد زاديكى

حقيقةُ حلمٍ

بقلم فؤاد زاديكى

رأيتُ نفسي في حلمٍ عجيبٍ ومثيرٍ، ليلة البارحةِ و صبيحة هذا اليوم المصادف ٣٠ ديسمبر ٢٤
كأنّي أعيش أحداثه بكلّ تفاصيلها. كنتُ جالسًا في سيارةٍ مكشوفةٍ، تحيط بي وجوهٌ سوريةٌ ويمنيّةٌ لا أعرفها، لكنّي شعرتُ بانسجامٍ غريبٍ بيننا. بدا المكان كأنّه اليمن، رغم أنّي لم أزره يومًا. كان معنا في السّيارة مسؤولٌ من الحوثيين و آخرون، يتحدّثون عن أمورٍ شتّى. جذبَ انتباهي حديثُ اثنين منهم عن تركهما ميليشيا الحوثي، و وجدتُ نفسي مدفوعًا برغبةٍ شديدةٍ لتشجيعهما. تقدّمنا، أنا وسوريّان آخران، نحوهما و احتضنّاهما بحرارة، في محاولةٍ لإظهار الدّعم لهما.

لكنْ، فجأةً، تغيّر المشهد. جاء إلينا المسؤول الحوثي بنظرةٍ مشبوهةٍ وطلب مِنّا جوازات سفرنا. أدركتُ على الفور أنّه يريد خلق مشكلةٍ لنا. بدأ الخوف يتسلّل إلى قلبي، لكنّي حاولتُ أن أبدو واثقًا. أمسك بي و أحد السوريين الآخرين، و قال: "هيّا، سنقوم بجولةٍ في المدينة." سرنا معًا و هو يوجّه لي العديد من الأسئلة. أردتُ كسبَ ثقته فقلتُ له: "لقد عشتُ لسنواتٍ طويلةٍ في الحزب الشيوعي السوري، و لهذا لديّ حماسٌ ثوريٌّ. لكنْ لم أستفدْ شيئًا من هذا الحزب، و كان هذا سبب تشجيعي لمن ترك الحوثي."

في البداية، بدا كأنّه تقبّل كلامي، لكنّي لاحظتُ فجأةً اختفاء السوري الآخر، الذي كان معنا. سألتُ عنه بقلقٍ، فقال المسؤول: "لقد أرسلناه إلى القامشلي في سوريا." شعرتُ برعبٍ شديدٍ، و كأنّها النّهاية بالنّسبة لي. سيطر الخوف على كلِّ كياني، و قلتُ في نفسي: "هذا هو المصيرُ المحتومُ." عندما رأى علاماتِ الخوفِ في عينيّ، حاول طَمْأنَتِي، و قال: "لا تَخَفْ." لكنّ كلماتِهِ لم تُهدّئ من روعي، فقد سمعتُ الكثيرَ عنِ الجرائمِ، التي يرتكبونها بحقّ الرّجالِ و النّساء في المعتقلاتِ الحوثيّةِ باليمنِ.

سِرْنا في شوارعِ المدينةِ، التي كانت مليئةً بمظاهرِ البؤسِ و الفقرِ و الخرابِ. رأيتُ أطفالًا حُفاةً، و نساءً مُنكسراتٍ، و بيوتًا مُهدّمةً. كانَ المنظرُ كابوسيًّا، يُشبِهُ مشاهدَ الدّمارِ، التي أقرأ عنها في الأخبار. استمرّ خوفي يتصاعد، و أحسستُ أنّي محاصرٌ بين يدَي هذا المسؤول الحوثي.

استيقظتُ فجأةً من نومي، و أدركتُ أنّه كان مُجرّد حلمٍ. شعرتُ بفرحةٍ غامرةٍ و شكرتُ اللهَ على أنّه لم يكنْ واقعًا. لكنّ المفاجأة كانت بانتظاري. و بينما كنتُ أنزلُ الدّرج في الصّباح، زلّت قدمي اليسرى فجأةً و سقطتُ بقوّة. أُصِبتُ في قدمي اليمنى، و تورّم إصبعٌ من أصابعِ قدمي مع جرحٍ واضحٍ. حينها شعرتُ كأنّ الحلم الذي رأيتُه بدأ يتحقّقُ بطريقةٍ غامضةٍ.

جلستُ أفكّر، هل يمكنُ أنْ تكونَ بعضُ الأحلامِ رسائلَ تحذيرٍ من القدر؟ أم أنّها مجرّدُ انعكاساتٍ لمخاوفِنا و أفكارنا؟ كانتْ تلكَ الحادثةُ، سواءٌ في الحلم أو الواقع، درسًا بالنّسبة لي عن الهشاشة التي يُمكنُ أن نجدَ أنفسَنا فيها فجأةً، و عن قوّةِ الإرادةِ، التي يجبُ أن نتحلّى بها لتجاوزِ مخاوفِنا و أوجاعِنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

رب الــعــزة بقلم أَرْكَانُ الْقَرَّهْ لُوسِي

رب الــعــزة عـام نرجـو فـيه مـن إلاله الـخـير الـوفير والـبركات يارب أنعم مـا ترتضيه لنا مـن لدنك يارب السماوات فماخاب من لجأ لإله ورب لايح...