الجمعة، 10 يناير 2025

التاج بقلم جهاد صباهي

التاج
الشاعر الدكتور جهاد صباهي 

أيتها الريحُ القادمةُ بسرعةِ الطوفانْ 
آن الأوانْ 
لنفتحَ ثقباً في جدارِ الهواءْ 
نَعْبُر إلى أسيرةٍ في مخدعِ القرصانْ 
ننقش أحلامَها على إلهٍ من حجرْ 
نغسل أوجاعها بماءِ المطرْ 
نُعيد إلى الأذهانِ سرَّ المسافةِ بين عينيها والقمرْ 
هي .. أكبرُ من المسافةِ بين الزيتونَةِ والسحَرْ 
هي تاريخٌ يُعاندُ الصدأْ 
له في حَنايا الأرضِ أثر 
هي عِناقٌ حالمٌ من مقامِ القُبَلْ 
بيادرُ عشقٍ يليقُ بها الغزلْ 
هي صرخةٌ أعادتْ إلى الأذهانْ 
زفيراً شهيقُهُ الهوانْ 

أيها الصبحُ المتسللُ من شقوقِ النسيانْ 
آن الأوانْ 
خذْ السلةَ واجمعْ أكاذيبَ نَيْسانْ 
اليومَ للأرضِ لسانْ 
تحكي عن قهرٍ يستوطنُ الديارْ 
عن فرحةٍ بنكهةِ الصبَّارْ 
عن يومٍ تشخَصُ فيهِ الأبصارْ 
اليومْ ... اليومَ نفتحُ قبورَ الشهداءْ 
كُلهُم أحياءْ 
يسألوننا ماذا فعلتمْ بضَحكاتِ الأطفالِ 
وقلوبِ النساءْ ؟ 
ماذا فعلتمْ بشهيقِ الشمسِ 
ونُواحِ الأثداءْ 
ماذا فعلتمْ بأفواهِ الجياعِ 
ودموعِ البُسَطاءِ 
لم يبقَ لهم سوى لفافاتِ تبغِهم الرديءْ 
عالمٌ بزيءْ 
سنعيدُ إغلاقَ القبورْ 
كم نحنُ خائبونْ 
ارتضينا بالسيرِ خلفَ قارئةِ الفنجانْ 
والوطنُ بأيدي المقامرينَ رِهانْ 

أيها الوطنُ الهاربُ من بشاعةِ الحيتانْ 
آن الأوانْ
أُعلِنُ نفسي مَلِكاً منزوعَ التاجْ 
بيني وبينَ مملكتي سياجْ 
الأرضُ في هَياجْ 
أُمسِكُ الفأسَ وأحتطِبُ العاصفةَ من جذرها 
العشبُ الأسودُ ينمو حولَ أقدامِنا 
وسريرُ الكونِ يضيقُ علينا 
يالِبَلاهَتيْ .. 
كلما وضعتُ على رأسيَ التاجْ 
أشعرُ بكابوسٍ عصيٍ على التفسيرْ 
فيه الطيرانُ يُشبهُ السقوطْ 
أشعرُ أني قَشةً مكبَّلةً بأصفادْ 
ريشةٌ تهشُّ الذبابَ عن ذيلِ الجِيادْ 
إصبعٌ اشترتْ البندقيةَ وباعتْ الزِنادْ  
انفجارٌ مفاجىءٌ يؤثِثُ المكانْ 
أسقَطَ دوّيُهُ قلوباً تنبضُ في الأرحامْ
وسقطَ معه التاجْ .. 
 هي حكايةُ وطنٍ ممنوعٌ من الكلامْ 
وطنٌ عالقٌ في فمِ الظلامْ
يبحثُ في وصفةِ الغريبِ عن فاتنةٍ 
ضاعت وسْطَ الزِحامْ

د جهاد صباهي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مشاركة مميزة

يا أنت بقلم فلاح مرعي

يا أنت إلاك أنت فأنت الروح للروح  جسدي سواك لا جسد ولا روح  فأنت الروح للجسد تحيه وأنت الهواء الذي  يحييه يحييه  كالماء للورد اذا ما لامسه أ...